الأربعاء، 5 يناير 2011

تـفاضـل و تـكامل

أحد أصدقائي المتـزمتيـن و الذي تعرفت يوماً ما عليه في أحد الأزمات المتكررة لأنـبـوبة البوتاجاز ربنا كرمه و إشتـرى شقة أخيـراً، بـعـد أن ظـل سنـوات عديـدة "ملطشة" لأصحاب الشقـق و الخضوع لتحكماتهم من رفع الإيـجـار و عـدم تـجـديـد التعـاقـد بـدون إبـداء أسباب و إشتراط غسل السلـم و إطفاء النـور نهاراً و ليـلاً لأن العداد مشتـرك و إذا بكى إبنه فجراً لابد أن يـسكتـه فـوراً لأن البيه اللي تحته عاوز يـنـام.

هنـئـتـه مرتـيـن، الأولى لأنـه أخـيـراً حـصل على شقة و الثانية لأنه أخـيـراً أصبح له " واسطة " و اللي ليه ظهـر مايـنـضربـش على قـفاه و لو كنـتـوا نـسيـتـوا اللي جرى نـجيـب الدفاتـر نـتـقرا، بعد التـهنـئـة لومته مرتـيـن، الأولى لأن الشقة كانت دور أرضي يعني منه للشارع و الثانية لأنه كرجل متـديـن كان يهاجم كل أساليـب الكوسة و المحسـوبـيـة والرشـوة و إذا به فجأة يصبح طرفاً في تلك المعادلة.

أمسك بلحيته و كأنه يـستـعـد لإلقاء خـطبـة قصيرة، أخبـرني أنه لا حرمانـيـة من السكن في (الأرضي)، لأن تصريحات السادة اللي مش مسؤولين (بتعلي) لوحدها ........ الضغط، كما أنك عندما تكون طرفاً في (المعادلة) أفضل بكثـيـر من أن تـكون على (الهامش)، يعني حلال حلال حلال.

أحسست أني أتحدث من مدرس رياضيات منزوع الكادر لا مع رجل ديـن منـزوع الدسـم .... أو الضميـر، الآن فقط علمت لماذا درسنـا مـادة التـفاضل و التـكامل و التباديـل و التوافيـق كأحد مـواد الثانوية العامة التي ياما أخبرونا أنها تؤهلك للحياة العامة.

هذه المادة كان الهدف الأساسي منها تدريـب الطالب على كيـفيـة (تـفضيـل) الغريـب و الأجنـبي على إبـن البلـد، و كيـفيـة (تـكمـيل) الناقص في ورقة إجابـتـك بالغش من اللي جنـبـك، و إن لزم الأمـر(تـبـديـل) الأوراق نـفسها و المراقب و اللجنة كلها، بمعنى آخـر (توفيـق) أوضاعك الإجتماعية إما بالرشوة أو الواسطة أو بما يظهر لك من مستجـدات.


بقلم م / مصطفى الطبـجي

الاثنين، 3 يناير 2011

النـاس الغـلابـة

في جميـع دول العالم على كوكب المريخ نـجـد الصحف القوميـة - إن وجدت - (تغطي) آخر الأخبار و الحوادث العالمية و المحلية، أما الصحف القومية لدينا فهي (تـنـام) في الخط، بمعنى أنه إذا صادف وقوع حادث مأسوي محلي و فكرت في شراء أحد الجرائد القوميـة فإنك ستـجـد أن ال25 صفحة تتكلم عن هذا الحادث فقط، كأنه لا يوجد في هذا الكـون الفسيـح أية أخبار أخرى، أو حوادث أو كوارث أو حتى إنجازات، أو ربما لأنها فرصة للراحة و التـعسيـل على مكتـب المديـر.

و المديـر تلاقيـه مرتبه كبـيـر، بحكم منصبـه، لكن مع ذلك يـنـظـر بعيـن الحـسـد و الغيـرة إلى مرتب الموظف الغلبان اللي يوم 10 في الشهـر بيكون مش عارف ينام .... لأنه جعان، و لما ربـنـا يكرم في أول السنة صاحب الشركة يوزع هدايا معنـويـة على الموظفيـن، يأخذ المديـر نصيـب الأسـد ..... لأنه جعان.

كما قال " ليو تولستوى " فإن الجميع يـفكـر فى تـغيـيـر العالم، لكن لا أحد يفكر فى تغيـيـر نـفـسه، لذلك فكرت في تغيـيـر الحـذاء بآخـر جديـدعلى أساس أن تغيـيـر النفس أكثـر صعـوبة مـن تغيـيـر العالم، فالأولى (أمّـارة) بـالسـوء، و الثاني مفيـش فيه (أمـارة) إنه يـتـعـدل.

لـذلك يـبـقى الحـال على ماهو عليه و على المتـضـرر اللجوء لمحطة البنـزيـن قبل إلغاء بنزين 80 بتاع الناس الغلابة، الخوف الآن من القـرار القـادم الذي سيـكون أفضل و أشمل و حلاً فورياً لجميع المشاكل، و هو إلغاء الناس الغلابة نـفسهم.




بقلم م/ مصطفى الطبـجي

يـا حبـيـبي يـا بـرنـس

تـريـد شراء سيـارة حديـثـة؟ طب و ماله، من حقك يا بـرنـس، لا يـوجد في جـيـبـك مليـماً أحمر!!!، مش لوحـدك يا بـرنـس، فـهـذا حـال معظم الشبـاب من هم في مثـل عمـرك سواء كانـوا يـعـمـلون كحراس (أمـن) أو على القهاوي جـالسـون كحراس (أمل)، ذلك بعد أن تـحول (الإنـفتـاح) بـقـدرة قـادر إلى (إنكشاح) الشبـاب للخـارج على مراكـب صيـد، و تـحـولـت (الخصخصة) بفعل فاعل إلى ( مصمصة ) الصوابع حسرة على حال البلـد، لكن لا تقلق، ده إنت حبـيـبي يا بـرنـس.
إعلم أن الكلام الذي سأرويه لك الآن يخضع تحت قانون  سري للغاية، فهذا الكلام و هذه التوجيهات لمصلحتك أولاً ... و أخيـراً، ليه تـدفع أكتـر في ثمن سيارة إذا كان ممكن ماتـدفعش حاجة خالص، في عيـنـك تساؤلات كثـيـرة، لن أطيـل عليـك، إستمع .... و تعلم.
إبحث عن أي سـيارة حديـثـة الصنـع واقفة على جانب الطريق، يـفضل أن يكون لونها أسود، إسرقها .... أيـوة أيـوة إسـرقـهـا ماتـخـفـش، جـمـد قـلبـك و إبـلع ريـقـك و إتـحكم في أعصابك و إنت سايـق خوفاً من أن تصطدم في لص آخـر إشترى سيارته بعد أن نصب على أحد البنوك.
لا تفرح بـسيـارتك الجديـدة حاليـاً فمازال البحث جاري و جايز جداً تنجاب من قفاك، يجب عمل بعض التعديلات، و هي كالآتي:-
 أولاً : يجب تحويل الزجاج إلى " فاميه "، كل الزجاج، الأمامي و الخلفي و الجوانب، ذلك سوف يضفي غموض على صاحب السيارة.
ثانياً : وضع نـسـر قـد الفيـل على الزجاج الخلفي للسيارة، و وضع علامة النـسر على لوحة الأرقام، اللوحة " الجديدة " يا بـرنـس، ذلك سوف يضفي هيبة على صاحب السيارة.
ثالثاً : إنـزع اللوحات القديـمة و ضع بدلاً منها لوحة معدنـيـة سـوداء  صغيـرة مكتوب عليها بأرقام بـيـضاء، طبعاً مش هاوصيك إن الأرقام تكون حاجة ماحصلتـش، يعني مثلاً 8000 أو 5555 أو 66666، و لا بلاش الأخيـرة دي علشان الشرع بـيـقول أربعة بس.
رابعاً : إشتـري نظارة شمس غالية الثمن و ساعة جذابة و يحبذ لو كنت تـرتـدي القمصان، بلاش التـي شيـرت.
الآن أن تـمتـلك سيـارة جديـدة، لم تـكلفك سوى القـليـل، أرى القلق في عينك، لا تخف، مش بـقولك ده إنت حبـيـبي يا بـرنـس، لم يخلق أمين شرطة أو عسكري مرور يمكنه طلب الرخص لصاحب سيارة كهذه، لأنه في لجان المرور دائماً ما يجلس الظابط تحت المظلة تاركاً الأمناء و العساكر يتجادلون مع أصحاب السيارات.


بقلم م / مصطفى الطبجي

الأحد، 2 يناير 2011

سـلسـلة مـفـاتـيـح

عادة متأصلة في لا أعرف إن كانت عيـباً أم ميـزة، فحتى في أيام الأجازات أو العطلات الرسمية أستـيـقـظ مبكراً، الكل نيام مستمعيـن بالدفء أما أنا فآخذ اليـوم من أوله، و حتى نهايته، في ذلك اليـوم ذهبـت إلى الميكانيكي بناء على الموعد المحـدد بـيـنـنـا، فـوقت الصيانة الدورية قد حان.

في العاشرة صباحاً كنت أقف أمام الورشة ...... المغلقة بالضبة و المفتاح، مازال نائماً ذلك المحظوظ، إتصلت به لأخبـره بوصولي، أخبـرني أنها ربع ساعة و سيكون واقفاً أمامي بشحمه و لحمه، ذكرني ذلك بأحد الأشخاص الذي عنـدما كنـت أسأله عن مكانه حالياً يخبرني أنه على باب الشركة، مع أنه كان مازال يغسل وجهه في الحمام.
لتـضيـيـع الوقت بحثـت عن ما يـسليـني، فكـرت في الإستماع إلى بعض الأغاني لكني تذكرت أن تسجيل سيارتي كأي صديق وفي مخلص، يتخلى عني في وقت الأزمات، هو الآن لا يـعـمل، لقطت عيني سلسلة المفاتيـح، تذكرت على الفور كلام كثير من الأصدقاء عن ضخامة هذه السلسة و أني أحمل معي الكثير من المفاتيح على غيـر العادة البشرية، فكرت في إعادة جدولة هذه " الكبـشة " و التي ستـكون بالتأكيد أسهل من جدولة ديـون رجال الأعمال اللي خدوا اللي فيه النصيـب و هربوا.

أول مفتاح كان مفتاح سيارتي، هي ليست آخر موديل إلا أني أعتـز بها كثـيـراً، على الرغم من أعطالها المؤثرة أحياناً و التي جعلتني أفكر في شراء سيارة أخرى إلا أنها أصيلة، كثـيـراً ما كنت تـقيـني سـوء الأحـوال الجـوية، و سـوء المـواصلات، و سـوء الحـظ و سوق على مهلك سوق، هذا المفتاح هو علامة من علامات الرفاهية إذاً.
المفتاح الثاني هو مفتاح شقتي، فبعد أن كنت أعزباً مسؤولاً عن نفسي فقط، تغيرت الأحوال و تبدل الوضع و أصبحت مسؤولاً عن أسرة بكاملها، تغيـر في نظام المعيشة و حياة جديـدة يـقبـل عليها كل شاب بصدر مفتوح و عـقـل ملهـوف و قـلـب محبـوب، كنت أنا كذلك.

المفتاح الثالث هو مفتاح دولابي في العمل، عندما تسلمت وظيفتي سلموني ذلك الدولاب لأضع به متعلقاتي الشخصية، أخبرني الأشخاص الأكبر سناً أنه يحبذ وضف قفل نحاسي على الدولاب لأن ولاد زبيدة لم يتركوا شيئاً يمكن سرقته إلا و سرقوه، من أول الشاي و السكر وصولاً إلى دهان الحائط.

المفتاح الرابع كان أثـقل المفاتـيـح، هو مفتاح مقابر العائلة، عندما لمسته أطراف أصابعي تذكرت على الفور كم من الأشخاص ذهبت بنفسي لأهيئ لهم المدفن، كم من الأشخاص ودعتهم و هو ذاهبون إلى مثواهم الأخيـر، مفتاح لا أتمنى إستخدامه أبداً، إلا أنها طبيعة الحياة، اليوم أنا أستخدمه و غداً سيتخدمه أحد آخر ليهيئ لي المكان أنا أيضاً.

لم أكمل باقي السلسلة، فلقد علمت أنها ليست مجرد سلسلة من المفاتيـح ألقيها في أي مكان بلا إهتمام، بل إنها حياتي، الماضي الذي عشتـه بحلوه و مره، بفرحه و حزنه، و حاضري الذي أتـنـاطح معه كثـيـراً حـاليـاً، و مستـقبلي الذي أجهله فلا أعلم ما يـخـفـيـه عني القدر.



بقلم م / مصطفى الطبـجي

السبت، 1 يناير 2011

شطحات مخيفة

إتصل بي أحد زملائي في العمل يـسألني عن مشكلة تـقابـل نـيـنـة الحاجّـة - اللي هي أمه -، كان يسأل عن حل لمشكلة اللحمة التي تتساقط منها الدماء كلما غسلوها، لا أدري من الذي أقنعه أني أعمل جزاراً في شفخانة و لست مهندساً في شركة!!!


هذه لم تكن المشكلة الأساسية، هذا المأسوف على عمره إتصل بي الساعة الثالثة صباحاً!!!، كأنه لا يعلم شيئاً عن الساعة كما لا يعلم شيئاً عن أن هذه اللحمة تخص جيـفة، بمعنى أنه إتـنـصب عليـه

لا أدري من أيـن يأتون بهؤلاء، فالثالثة فجراً توقيت لا يصلح إلا للنوم، ، و إن كنت لا تستطيع النوم فهو موعد مناسب أيضاً لتـفجيـر بعض القنابل، لكن لا يصلح أبداً لتقطيع اللحم حتى و إن كان سليم.

تعصبـت عـليـه قليلاً مطلقاً سيـلاً لا يـنـقـطع من الزعـيـق و الشـخـط و النطـر، سألني في حيـرة عن سبب التعصب، فتـصرفه هذا ليس إلا مثال حي على الديمقراطية التي كنت دائماً أنادي بها بـيـن أفراد طاقم الوردية الواحدة.

ظـريـف جـداً هـذا الشـخـص المـأسـوف على حـوافـزه و أرباحه، فالديمقراطية الوحيدة التي أعرفها تـتـمثل في أني إذا أردت شـرب كوب من القهوة فسوف أخذ الكوب من أ/ محمود، و البـن من أ/ ناصر، و السكر من أ/أسامة، و الملعقة من أ/ ماجد، و الكنـكة من أ/السعيد، و الولاعة من أ/تامر، غيـر هذا ليـس إلا شطحات.

بمناسبة الشطحات، فإن إطلاق الكلمات التعريفية على أي حدث أصبح أسهل من إطلاق الرصاص على هدف ثابت على بعد واحد متر، فإذا إجتمع فريقا كرة قدم أصبح ( لقاء قمة )، و إذا إجتمع رئيسا دولتين أصبح أيضاً ( لقاء قمة )، لذلك تخرج المباراة ( بدون تعليق )، و يخرج اللقاء الرئاسي ( بدون أهداف )، ربما لأنه تم وضح لوحة مكتوب عليها " ممنوع الإقتراب أو التصوير " أعلى مرمى الحارسين، أو أن الرئيس الضيف جادل بدون جمهور.





بقلم م/ مصطفى الطبجي