الثلاثاء، 22 فبراير 2011

الأنواع الثلاثة


قديمًا كانت مصر الفرعونية أو العثمانلية أو الفاطمية تنقسم إلى ثلاثة أقسام، أهلاوية، زملكاوية، اسماعلوية، أما اليوم و بعد أن بلغت الثورة مداها، و بدأ عصر جديد من الحرية و الديمقراطية الي معمولة بالخلطة السرية فإن الشعب المصري انقسم إلى أنواع أخرى تمامـًا.

النوع الأول هم الذين يتابعون التلفزيون المصري و ما ينقله من أخبار وردية و حياة بامبـية تؤكد أن شعب كوكب بلوتو يعيشون في إستقرار تام و هدوء مفرط، مفيش مظاهرات غير قلة مندسة، لذلك تجد أصحاب هذا النوع يرحبون ببقاء سيادة الريس فقط حتى موعد الإنتخابات الرئاسية القادمة، أملاً في الإستقرار، طمعاً في الوفاء بوعوده.

النوع الثاني هم الذين يتابعون قناة الجزيرة المشعللة الموهوجة اللي ديما بتهدي النفوس عن طريق نقل كل الأخبار الكارثية و تجاهل أي خبر أو حادث قد يدفع المصريون إلى الأمام، شعارها حالياً (معاً لإسقاط مصر)، لذلك تجد أصحاب هذا النوع يطالبون سيادة الرئيس بالتنحي فوراً و بدون أي تعطيلات و تغيير الدستور و حل المجلسين و تطليق ماما سوزان.

النوع الثالث هم الذي يتابعون القنوات الأوروبية الملهلبة مع مزيج من سيجائر الحشيش و زجاجات البيرة المشبرة، إستفادوا من الغياب الأمني الطويل المدى حتى يحصلوا بسهولة على ما لذ و طاب من مذهبات العقل و مكسرات العظم، لذلك تجد أصحاب هذا النوع يرحبون ببقاء مبارك في رئاسة الدولة بشرط أن يتنحى نهائياً عن أي منصب رسمي.



بقلم م / مصطفى الطبـجي

الأربعاء، 2 فبراير 2011

المـرة دي أنا نـزلت

يـوم الثـلاثـاء المـوافق 25/1/2011
إنـدلعـت الثـورة و المظاهرات التي كان مقـرراً لها أن تـنـدلع
إنـدلعـت رغم الإستهانـة بـفكرتـها، و الإستهانـة بـتـنـظيـمها المسبـق، و الإستهانـة بأن شبـابـاً لا يعلم عن وطنـه الكثـيـر فكر في تـنـظيـم مظاهـرة للرد على تـجـاوزات النـظام.
شباب الفايس بـووك الذي لا يـعلم عن وطنـه الكثـيـر ... هكذا كانـوا يـعتـقـدون.
لم أخـرج في هذا اليـوم، ظللت في بـيـتي أتـابـع بـحـماس ما يـحـدث، أشفق على المصابـيـن، و أشجـع المتـظاهـريـن ... بـقلبـي و قصائـدي.

يـوم الأربـعاء المـوافق 26/1/2011
إستـمرار للمظاهـرات في عـدة مـدن، شبـاب، رجـال، أطفال، نـساء، طلبـة، عمال، موظفيـن، فلاحـيـن، كبار السن، أغنـيـاء، فقراء، كل فئـات الشعـب إجـتـمعت أخـيـرأ على مطـلب واحـد، تـغيـيـر النـظام، تـعـديـل الأوضاع المقلوبـة، محـاكمة المسؤوليـن.
لم أخـرج أيضاً في هـذا اليـوم، قـلقـاً على مستـقبـل وطـن أتـنـمي إليـه، و خـوفاً على شعب أتـشـرف بـه.

يـوم الجـمعة المـوافق 28/1/2011
يـوم الغضب كما تم تـسميـتـه، و كان بالفعل إسـمـاً على مـسـمى، الكل خـرج يـهتـف، رغـم تـعـطيـل المـواقع الإليـكتـرونـيـة، رغـم التـشويـش على شبـكات المحـمول، رغـم قـطع خـدمـة الإنـتـرنـت عن كافة المستـخـدميـن، رغـم كل شيئ .... تـقابـلت أفكار الجـميـع.
من المشاهـد الرائعة التي فـاجـئـتـني هو مشهـد النـاس يـصـلـون في الشـوارع، هي ليـست إنـتـفاضة حـراميـة، هي ليـست شـرذمة من الخـارجـيـن عن القـانـون، هي ليـست قـلة منـدسـة.
من المشاهـد الأخـرى الرائـعة مشهد بعض الشباب الجـسـور الذي بـدأ يـحـمي الممتـلكات العـامـة و البـنـوك، دروع بـشـريـة نـادت بالتـغيـيـر و في نـفـس الوقـت المحـافـظة على البلد.
إنـسحـاب غـريـب لأفراد الشرطة ثم إخـتـفائـهم، إنـسحـاب ذكرني فـوراً بإنـسحـاب نـكسة 67، إنـسحـبـوا .... هكذا كانـت التـعليـمات .... و هكذا كانـت النـتـائـج.

يـوم السبـت المـوافق 29/1/2011
الجـيـش بـدأ يـحـكم سيـطرتـه على المراكـز الحـيـويـة الخـدميـة في البـلاد، بـنـاء على مساعدة الشرفاء مـن أبـنـاء هذا الوطن العـظيـم.
مع إستـمرار إخـتـفاء ظبـاط و عـساكر الشـرطـة مـن أقـسـام الشـرطة و الشـوارع و الميـاديـن و مديـريـات الأمن بـدأ الشبـاب في تـنـظيـم حـركة السيـر، و بـدأوا في تـأميـن الممتـلكات الشخـصيـة ذلك أن أعمال النهب و السلب قـد بـدأت، و أن الخـارجـيـن عن القانـون الذيـن تـم إخـراجـهم مـن الحـبس بـقـدرة قـادر أو بـفـعـل فـاعـل بـدأوا يـعبـثـون في الأرض فساداً.
هنـا نـزلت إلى الشارع، بعد أن نـاشـد أئـمة المساجـد شبـاب المنـطقة بالنـزول إلى الشوارع للحـفاظ على المنازل و المحال التـجـارية و السيـارات.
في هـذه اللحـظة نـزلـت، أنا و جـاري و فـلان و عـلان و هـذا و ذاك و لم نبالي.
 نـزلنـا إلى ساحـة المعركة كما أحـب البعض أن يطلق عليـها، نـزلنـا من الساعة السابـعة مساء و حتى الصبـاح البـاكر نرتجف من شدة البرودة لكننا لم نبالي.
نـدافع عـن شارع نـنـتـمي إليـه، شارع هو جـزء لا يـتـجـزأ من مديـنـتـنـا، مديـنـة الصمـود و الإنـفجـار، المحـلة الكبرى التي هي جـزء مـن دولتـنـا.
وقـفـنـا، متـحـفـزيـن متـأهبـيـن، ما نـسمعه عن أن تـلك العصابـات تـمتـلك مسدسات و بـنـادق آليـة و أنـهم قـتـلوا بالفعل ما يـزيـد عن 15 شخـصاً حـاولوا الوقـوف في وجـهـهـم، كل منـا تـسلـح بما وجـده أمامه و لم نبالي.
وقفنـا شبـابـاً و شيـوخـاً، شيـوخـاً أخـبـرونـا بـعـظـم الشهادة في سبـيـل الدفـاع عن أرض هي لك و عـرض هو منـك.
طاقة غريـبـة سـرت في بـدن كل منـا ... طاقة نـتـجـت عـن حـب و عـشـق و إنـتـماء لتـراب هذه البـلد.

صبـاح يـوم الأحـد المـوافق 30/1/2011
ذهبـت إلى عملي في الصبـاح البـاكر كبـاقي الأيـام السابـقة، فـطبـيـعة عملي الحـيـوية تـمنـعـني من عـدم الذهاب.
لم أقابـل عسكري أو ظابـط مرور أو شـرطة، لم ألمـح نـسـراً أو دبـورة، حتى أن السيارات التي كان أصحابها يـتـبـاهـون بـها بـوضع علامة النـسـر أو الشرطة على الزجـاج و اللوحـات المعدنـيـة لم تـعـد موجـودة، إنـسحـبـت هي الأخـرى.
لم أقابـل سوى الحـملات الشعبـيـة التي كنـت أنا جـزء منـها، كمائـن عديـدة مكونـة مـن الأهالي يـفـتـشون كل سيـارة، طلب مني الوقـوف بكل إحـتـرام، فـتـشوا سيـارتي بكل إحـتـرام، تـأكدوا من أنـها ملكي بكل إحـتـرام، إعتـذروا عن كل الإحـتـرام الذي ظهـر منهـم .... بكل إحـتـرام، إحتـرام إفتـقدنـاه في مـواقـف مشابـهة في السابـق.
عنـدما إقتـربـت من مكان عملي تأكدت أني لن أقابـل سوى أفراد الحـملات الشعبـيـة و الدبابات التي رأيـتـها لأول مـرة، و هنا جـاء بخـاطري أن أكتب قصيدة أعبـر بها عن ما أشعر به ... قصيدة بدأتها و لم أستطع أن أنهيها ... كان مطلعها

إنسحبوااااا ..... كلاكيت مرة تانية
إنسحبواااااا .....
الأولى كانت للجيش و للشرطة في التانية

لم أكمل القصيـدة و لن أكملها لأن الدمـوع إنـهمـرت من عيـنـي و أجـهـشت في البـكاء.


بقلم م / مصطفى الطبجي

ما بين الإختيار و الرفض

اليـوم هـو يـوم من الأيـام السعيـدة في حـيـاتي، في الصبـاح إصطبـحـت بـمنـتـج صناعة محـليـة، و عنـد الظهيـرة تـشنـكلت في منـتـج صناعة محـليـة بالإضافة إلى أنـه يـصدر للخـارج، يا حـلاوتـك يا بـلادي يا كايدة العزال إنت من يـومك.

المنـتـج الأول كان شـراب صوف معتـبـر، من اللي يدفي الرجـل - بكسر الراء - و يـخـرج الروماتـيـزم مـن العظم و يـنـفع شوال وقت اللزوم، أما المنـتـج الثـاني كان عبـارة عن كيـس منـاديـل للجـيـب المـزودة بإخـتـراع جـبـار ألا و هـو عـطـر لطيـف، و تـصـدر لإحـدى الدول العربـيـة!!!!

منـتـجـات جـوهـريـة على حـق، مؤثـرة في الكيـان الإقتـصادي للدول العظمى على حـق، و لو إن الدول العظمى اليـوميـن دول مش فاضية، اللي عندها غسيـل، و اللي عندها طبـيـخ، و اللي عندها مواعيـن متـلتـلة.

منـعاً لسوء الفهم، أنا أتـحـدث على (غسيـل) الأمـوال الغيـر نـظيـفة، و (تـطبـيـخ) المؤامرات الغيـر مستـويـة، و السؤال هنا بقى، موضة الإنـتـحـار هل ستـنـتهي بـظهور موضة جـديـدة كالإنـفجـار مثـلاً، أو الإضحلال، أو الإنحـلال، و ربما الإنكسار، ذلك بـعـد أن قررت الحـكـومة أن جـميـع أشهـر السنـة ستـكون مـن 24 يـوم فـقـط.

أصلها دايـرة و بـتـلف، و النهاردة النـاس بـتـقول إخـتـرناك، بكرة تـلاقيـها بـقدرة قادر بـتـقول رفضاك، و مابـيـن الإختـيـار و الرفض ملايـيـن من المرضى النـفسيـيـن.


بقلم م / مصطفى الطبجي

يـوم الإمتـحـان

يـوم الإمتحـان يكرم المرء أو يـهان، لذا تـجـد أمام أي مـدرسـة من المـدارس الإبـتـدائـيـة أو الإعـداديـة أو أحـيـانـاً الثـانـويـة تـجـمعاً غـفيـراً من الأهالي، خـصوصاً أمهات الطلبة اللي بـيـتـعـجـنـوا جـوة، الكل جالس أمام باب المدرسة في إنـتـظار الخـروج العـظيـم لهؤلاء الفاتـحـيـن.

وقتـها يـتـم تـطبـيـق تـلك الحـكمة عمليـاً بحـذافيـرها، فإن كان الطالب الملهم قـد " قـفـل " - بتشديد الفاء - الإمتحـان فسـوف يكرم كما كـرم أحـمـد زويـل، أما إن كان " قـفـل " - بتشديد نفس الفاء - مع الإمتـحـان فسوف يكرم كما كرم سليـمان الحـلبي، ضـرب أو شتـيـمة ثم سحـل في الشارع.

الغريب أن كل هذا التجمع و الطبـطبـة و السحـل كانت لأجل مادة التـربـيـة الفنـيـة، يعني الطالب (يـرسـم) في اللجـنة و (يـتـرسم) عليـه من المراقب.

الطالب اللي ربنا كرمـه و عرف يـرسـم المطلوب منه لم يكن عبـقـريـاً و لا هو دافنشي القـرن، كل ما في الأمـر أنه كان يهـرب من الدروس الخـصوصيـة اللي ناحـلة وبـر أهله و يـذهـب إلى الغرزة، لذا عندما طلب منه رسم شباب يـدخـنـون السجـائر و يـتـعاطـون المخـدرات لم يكن الأمـر صعب عليه، أما الطالب الآخـر المسحـول على وجـهه فكل ذنـبـه أنـه كان مـن الدرس للمدرسة للبـيـت، و يـعيـش تـحـت مظلة مـن الممنـوعات، ممنوع اللعب في الشارع وقت الدراسة، ممنوع مشاهدة التلفاز وقت الدراسة، ممنـوع تـقـرأ أي شيئ غيـر الكتـب المدرسيـة، و في أوقات كثـيـرة ... ممنـوع تـتـنـفـس.


بقلم م / مصطفى الطبـجي

الإقامة في زحـل

في آخـر مرة ذهبت بها إلى إحدى محـطات البنزين لم يسألني العامل 80 و لا 90 يا باشا، بل سألني مجـلس شعب و لا شورى ...... يا باشا بـرضـه و كل حـاجـة.

يـبـدو أن الفوبـيـا إنـتـقـلت من الجـيـران إلى كل بلاد المنـطـقة، و بـدلاً من وضع حـلولاً جـوهـريـة للمشاكل، وضعـوا عسكري على كل محـطة بـنـزيـن، و سلام بقى لأني نازل المحـطة الجـايـة.

الفوبـيـا يعني مسائل مش متـظبـطة في النـفس، و قديماً كانت تهمة الإرهابي تـوديـك (خـلـف زحـل)، أمـا اليـوم فتـهـمـة المـرض النـفـسي تـوديـك (خـلـف القضبـان)، و إن كان السؤال الذي يلح علي الآن، هل السجون وراء زحـل خـمس نجـوم أيضاً أو كما نسمع أم مازالت إصلاح و تهذيـب.

فالإشاعات تـتـنـطـور هنا و هناك أن بعض السجـون على " كوكو " الأرض أو بمعنى أدق بعض المساجـيـن يعاملون داخـل السجـن معاملة الخـمس نجـوم، إشي سونة، و إشي جـاكوزي، و إشي موبـايـل و دش.

السؤال و التحـري لن يصل بأي منا إلى شيئ لكن الملاحـظ أن المساجـيـن يطلق عليهم لقب (نزلاء) داخـل السجـن، أما الذين يستأجـرون غرفة أو جـناح في أحد الفنادق الخـمس نجـوم فيطلق عليهم (نزلاء) أيضاً و لكن داخـل الفنـدق، أعتـقد أن كل ذلك مجـرد تـشابـه غيـر مقصود في الأسماء و أن ما يقال مجـرد إشاعات لا أساس لها من الصحـة و يـا نـاس يـا شـر كفايـة إشاعات.

بعد الإنـتـهاء من " تـفويـل " السيـارة بـبـنـزيـن "شـعـب" المضـر بالبـيـئـة لما يـحـتـويـه مـن نـسبـة عالية من الرصاص و القرارات الخـاطئـة التي تـؤثـر على أرواح المواطنـيـن إنـطلقت نـحـو عملي في كوكب زحـل.


بقلم م / مصطفى الطبـجي