الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

أقصر الطرق


أقصر الطرق بين نـقطتـيـن هو الخط المستقيم، و أقصر طريق لقلب الرجل معدته، و موضوع القصـر - بكسر القاف - ده تاعب ناس كتير قوي، لأن أقصر طريـق للأمانة هو إتباع تعليمات إدارة الضميـر، لكن الضمير لم يعد موجوداً، إختفى فجأة كما إختـفى الجملين المغربـيـيـن من حديقة الحيوان، مازال الفـاعـل مجهول، و سيـظل مجهـول لأنه أكيد مخاوي.
و ( الأخوة ) هنا مش لازم تكون مع جني أو عفريت إبن عـفـريت، ب 100 جنيه ممكن تخاوي حارس الأمن، و 200 جـنيه ممكن تخاوي العامل المسؤول عن الفـقـيـديـن، و 3000 جنيه ممكن تخاوي المسؤول عن الحديقة كلها، و أخوة للبيع مين يقول هات؟؟ أو توفر كل هذه المبالغ " الطائلة " و تترك الجميع لضمائرهم، ذلك الضمير الذي أصبح صديقاً صدوقاً للسريـرو يا محلى النـوم ساعة العصاري، .... و بـالليـل و الصبـح و طول الوقت.
لأن الكسل أصبح هو سمة الكثيرون في عصر يقولون أنه عصـر السرعة، و كالعادة فلـقـد تأخرنا عن عصـر السرعة الذي أقلع في ميعاده لأنه ليس كقطاراتنا، تأخرنا لأننا لم نستطع الإستيقاظ في الميعاد المحدد، بس مش مشكلة ملحوقة و تـتعوض و كل تأخيرة و فيها خيرة و كل تلك العبارات الهدامة التي تحثـنـا على مزيد و مزيد من الكسـل حتى أننا تـفـوقنا على تلك النكتة التي كانت تلقى على جيراننا.
مرة واحد من جيرانا اللي تحت قابل واحد تاني من جيرانا اللي تحت و وجده مهموماً، فسأل الأول الثاني عن سبب همه، فقال الثاني " أنا إخترعت ماكينة جديدة أول ما تضغط على الزرار ده هي لوحدها تحرث الأرض و تزرع البذور و تروي الأرض و تحصد الزرع و تبيعه "، فرد عليه الأول مبهوراً " طيب دي حاجة حلوة خالص، إيه اللي مزعلك بقى "، فرد الثاني " عاوز بقى أخترع حاجة تضغط على الزرار ده لوحدها ".
المؤسف أننا نشطاء جداً في الذهاب إلى العمل رغم زحمة المواصلات، مهما كانت الظروف يذهب الجميع إلى العمل، و بعد الجلوس على الكراسي و سرب الشاي و الحبس بكام سيجارة، يأتي وقت النوم.


بقلم م / مصطفى الطبجي

الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

خرجت و لم تعد

صحيح .. أيـهما يـسبـق الآخر البيضة أم الفرخة، البعض يقول الفرخة كفاية ( بيض ) لحد كده، و البعض الآخر يقول البـيـض كفاية فراخ ( مسرطنة ) لحد كده، و الشيئ بالشيئ يذكر مادام الجـو العام أصبح يشبه المزارع التي أفـلست نـتـيـجـة إنفلونزا الحـشـيـش فلابد من السؤال عن فريق إسمه ( مزارع ) دينا، لماذا لم يصعد إلى الدوري الممتاز بعد أن هبط إلى دوري المظاليم اللي مش لاقيـيـن ياكلوا، هل إعتراضاً على المباريات التي أصبحت تدار بحكام أجانـب و كـأن الحكام المصريـيـن بـصيـفوا طول السنة في مارينا، أم لأن ( دينا ) خرجت و لم تعد.
و من في مصر خرج و عاد؟؟، القيـم خرجت و لم تعـد، الأصالة خرجت و لم تـعـد، الجدعنة خرجت و لم تعـد و البحث مازال جاري و من يجد أي منهم يتجه لأقرب فـرع لمستـشفى الخـانـكة و عشانا عليك يا رب، بس هنـجـيـب منيـن العشا و العيال عمالة تزيد كل نص سـاعـة عيـل كأنـنـا في سبـاق مـع الزمـن و مع أنـفسنا و إنـشغـل الجميع عن البحث عن لقمة العيش بالتمحيص و التـدقيـق في فتاوي تحديـد النـسل و هل يا ترى حلال أم حلال نص نص؟؟؟
و من حـلال لمـنـال يا قلبي ليه مابتعرفش تنام، بـتـحب و لا المرتبة قطنها باظ و عاوزة تـنـجـيـد، تعـوز مع نفسها بقى، القطن غـالي هذا إن كان موجوداً، لذلك سترتفع أسعار جميع الملابس، حتى الملابس التي لا تحتوي على قطن و خامتها 100% ألياف صناعية، إنها لعبة التحكم بالفـقراء و الضعفاء الغلابة، تماماً عندما إرتفع سعـر بنـزيـن 80 ليصبح 90 قرشاً، كثير من سائقي الميـكروباصات زادوا الأجرة بحجة غلو سعر البنـزيـن، مع أن سياراتهم تسيـر بالجـاز، يعني ناس تاكلها ( بـجـاز ) و ناس تاكلها على ( الجاهـز ).
جاهزين تسمعوا نكتة، أم أن أزمة القمح واكلة دماغكم، حتى الأغاني الشعبـية أصبحت تـأكل الدماغ، و كأن المطربـيـن الشعبـيـيـن تحولوا من الفن إلى أكل دماغ البشـر، هم أحفاد عـمّـو دراكولا إذاً، كل الأغاني الشعبـيـة الآن تـدور حول السيـجارة البـني و البـانـجـو و البـيـرة الستيلا، لا يهم هل شربت واحد بـيـرة مشبرة أم إثنان أم ثلاثة، المهم إنك تـقـوم تـقـف و إنت بتسلمني البضاعة، و بعد الإستلام و التسليم شيل الواد من الأرض.


بقلم م / مصطفى الطبـجي

السبت، 20 نوفمبر 2010

روح أبو السعود

عادة فرعونية متأصلة في ورثـتها عن جدود الجدود، دخول السينما لمشاهدة الأفلام الجديدة، الجيدة منها، أنا عاشق للسينما و لست عاشقاً للأفلام و الرفق كبيـر، فإن كنت في مزاج سئ و أشعر أن العالم كله منقلب ضدي يكون الحل دوماً هو الهروب إلى السينما، أخرج منها بعد مشاهدة الفيلم غير عابئ بهموم الدنيا و كأنها فرجت من عند ربنا و هو الشافي العافي، بل و أحياناً أخرى أجد حل لمشكلة كانت تؤرقني، عادة غريبة أعترف بهذا، لكنها لن تكون أعجب من عادة صديقي الذي عندما تواجهه أي مشكلة يتجه فوراً و بدون مقدمات ..... إلى الحمام.
لي مع السينما حكايات و روايات، مواقف و شقلبظات، لكني دوماً أحب أن أحكي موقفي مع الـلـب، منذ عدة سنوات أفتتحت دار عرض جديدة في المنطقة، سارعت بالدخول في أول فيلم تم عرضه، ممكن تقولوا داخل أعاين البضاعة أكتر من إني داخل أتفرج على الفيلم، تكيـيـف عالي الجودة، كراسي مريحة من النوع الفخم، موكيت لوه احمر على لون الكراسي، ديكور عصري رائع، صورة جيدة، صوت رائع، حاجة كده خمس ست سبع نجوم، على باب القاعة كتبت عبارتان " ممنوع التدخين "، " ممنوع إعطاء بقشيش للعاملين ".
في أول الأمر كان المسؤولين عن القاعة يمنعون دخول المسليات ك اللب و الفول السوداني، و لكن بعد أن تم تهريبهما بطرق إستعصى على البوليس الدولي كشفها لجأت إدارة السينما إلى حل عملي جداً، قبل بدأ عرض الفيلم يدخل شخص معه الكثير من الأكياس الصغيرة يوزعها مجاناً على كل من معه أي نوع من أنواع المسليات، و يطلب من الجميع طلب بسيط، عندما إلقاء المخلفات على الأرض بل وضعها في الكيس و وضع الكيس على الكرسي بعد إنتهاء العرض، للحفاظ على نظافة المكان، بعد إنتهاء العرض إكتـشفت أن الأكياس كانت ملقاة على الأرض فارغة و قشر اللب و الفول السوداني في كل مكان!!! عالم عجيبة تبحث عن التخريب بأي صورة، عالم عجيبة تستحق أن ترجم بالقباقيب في ميدان التحريـر.
الموقف الآخر الذي أحب أن أحكيه مع أني لا أحب أن أتذكره هو ذلك الكائن ذو الأربعة أطراف الذي كان يجلس بجواري أثناء مشاهدتي لأحد الأفلام، حتى الآن لا أدري نوعه بالتحديد لكنه كان يجيد العربية و بطلاقة، و كان يصطحب معه فتاتان تجيدان السنكحة بطلاقة و إحتراف، فتاتان ليس فيهما إلا بضع كيلوجرامات من السيليكون، كان هذا المخلوق السمج يحكي كل أحداث الفيلم، يحكي كل مشهد و كأن روح أبو السعـود بعثت من جديد، " شوفوا دلوقتي هتدخل عليه بنته "، " القصة بقى إن ولاده كانو عاوزين .... "، " الواد ده بقى هيطلع حرامي "، طلبت منه السكوت أكثر من مرة لكني أدركت أني أتحدث مع وحيد القرن و هنا تعرفت على نوعه أخيراً، فهو لم يستجب لي نهائياً لدرجة جعلتني أشك فيما كنت أتحدث العربية أنا أيضاً أم لغة أخرى غير مفهومة، حتى لا أغزه بقرن غزال بدأت في الفرك في أذني طوال عرض الفيلم حتى لا أسمع صوته الشبيه بصوت كلب البحـر، أو خيار البحـر ... لا أتذكر.


بقلم م / مصطفى الطبجي

الخميس، 18 نوفمبر 2010

رحلة إلى مركز الحزن

جانا العيد أهو جانا العيد و مرحب مرحب بالعيد و العيد ( فرحة )، وعند بعض الناس العيد ( فرخة ) و موسم بقى و كل سنة و إنتوا طيـبـين و فين العيدية؟؟؟ أهم ما في العيد هي العيدية، فهي التي تحدد القيمة الشرائية " لبومب " العيد، و كم " بومبة " يمكن أن أفرقعها تحت أرجل الجميع، لا أنسى أبداً الماضي عندما كنت صغيراً، كانت العائلة تتجمع كلها طوال أيام العيد في البيت الكبيـر، بيت جدي رحمة الله عليه، و كنا نحن الصغار نفرك أيدينا طوال اليوم الأول من أيام العيد في إنتظار العيدية، وقتها لم تكن تتجاوز السبعون جنيهاً، لكنه مبلغ بالنسبة لنا بمثابة الثروة اللانهائية.
أتذكر جيداً في أحد الأعياد إنقضى اليوم الأول و لم " يشخلل " أحد من الكبار جيـبـه ليتحـفنا بالذهب و الياقوت و المرجان، في اليوم الثاني تجمعنا نحن الصغار و بدأنا نسأل بعضنا البعض " حد فيكم خد عيدية إمبارح؟؟ "، كل منا إعتقد أنه تم توزيع الثروة بالأمس و قد تناساه الكبار و هذه تعد كارثة من الكوارث تفوق في حجمها كارثة إيقاع برجي التجارة العالمي.
في الأعياد دائماً ما يكون هناك ( ذبح )، في عيد الفطر غالباً ما يكون هناك ( ذبح ) للطيور بشتى أنواعها، و في عيد الأضحى يكون هناك ( ذبح ) للأضحية بشتى أشكالها، و في العيدين يكون هناك ( ذبح ) في أسعار جميع السلع بشتى أنواعها و أشكالها، و إطبخي يا جارية كلف يا سيدي.
عند بعض العائلات لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يمر العيد مرور الكرام، فلابد من القيام بالرحلة الموسمية، رحلة إلى مركز الحزن، إرتداء السواد و الذهاب إلى المقابـر، و ربنا يرحمك يا خويا، يا مستتني يا مهنيني يا اللي إتبهدلت من بعدك يا عمري، يا اللي عمرك ما قلتلي كلمة وحشة، مع أنه كان يمسيها " بعلقة " و يصبحها " بعلقة " أخرى، لكنها طبيعة النفس البشرية المشتاقة للبكاء، بمجرد الخروج من المقابر تنـقشع الدموع و تختفي معالم الحزن و " يالا يا بت عشان نلحق نروح الملاهي ".


بقلم م / مصطفى الطبجي

السبت، 13 نوفمبر 2010

الشلوحة ... الفشلقة ... الفلشحة


لكسر الشعور بالكسل و محاولة كسب بعض النشاط و لو لفترة مؤقتة فكرت في أن أتمشى قليلاً، عسى أن أستطيع أن أتغلب على ذلك " الكرش " الذي بدأ في الظهور نتيجة الجلوس المستمر مع ذلك المخلوق المعروف بإسم الفايس بوك، مررت على مجموعة من الشباب المتمركز على أحد النواصي، بدى من الوهلة الأولى أنهم طلبة في مرحلة الثانوية العامة قد خرجوا تواً من أحد مراكز الدروس الخصوصية و التي أصبحت منتشرة هذه الأيام في الحواري و الطرقات أكثر من إنتشارمراكز الإتصالات و مقاهي الإنترنت، فطنت بعبقريتي الفذة إلى تلك الحقائق البالغة السرية بسبب حجم المذكرات التي كانوا يحملونها و التي كانت تقارب حجم البطيخ السعودي المستطيل الشكل، و ذلك العبوس الواضح على وجوههم و الذي لم تستطع تلك الإبتسامات و الضحكات أن تخفيه و كأنهم يحملون هم الدنيا كلها، و تلك النظرات السريعة إلى الساعة خوفاً من التأخير في العودة إلى منازلهم حتى لا يتم تـنـسيل الشبشب على أم أدمغتهم.
كل ما سبق لم يلفت إنتباهي، فكلها عام أو إثنين و سوف يهجروا هذه المرحلة لينتقلوا إلى مرحلة أخرى أكثر بشاشة و دلع و روقان بال، و تصبح الثانوية العامة مجرد ذكريات عابرة في شريط الحياة، حقيقة ما لفت إنتباهي هو الحوار الدائر بين هؤلاء المغاوير، أحدهم يقول للآخر " لو ماعملناش الواجب المرة الجاية كمان الأستاذ هيشلوحنا " فرد عليه الآخر " يشلوحنا ده إيه، قول هيـفـشلقنا، هيـفلشحنا .... ربنا يستر "، علمت بنفس العبقرية الفذة من ذلك الحوار البناء أن هناك فرق كبير بين " الشلوحة " و " الفشلقة " و " الفلشحة "، و جميعها أفعال مخلة بالذكاء البشري، و محبطة للحضارة اللغوية، لم أقف كثيراً عند معاني هذه الكلمات، فالكثرة تغلب الشجاعة و مهما كنت عبقرياً لن أستطيع نرجمة ثلاث مصطلحات فضائية دفعة واحدة.
أكملت سيري و أنا أفكر في أمر واحد، من هو صاحب التفكير " المتكلف " و " المتكيف " الذي إستطاع إختراع كلمات كهذه؟ كيف تكونت له الجرأة على تجميع مجموعة من الحروف على هذه الشاكلة و بهذا الترتيب لتصبح كلمة فراغية مدلولها معروف، و ذو تأثير مخيف في نفوس الطلبة، تأثير جعلهم يفكرون ألف مرة قبل عدم عمل الواجب المطلوب منهم، ما الذي كان يفكر فيه مخترح هذه الألفاظ الهدامة؟ ما الذي كان يطمح إليه؟.
الكثيرون يتكلمون عن اللهجة العامية و أنها تأثر بالسلب على جمال اللغة العربية الفصحى، لكن حتى اللهجة العامية على إختلافها من منطقة لأخرى و من بيئة لأخرى فكلماتها تحريف لبعض الكلمات الفصحى، تحريف في النطق أدى إلى تحريف في الكتابة، لكن كلمة من " الفلشحة " من ماذا إقتبست؟ و كيف حرفت؟ أعرف أنها مدامت تنطق " فلشحة " بتسكين حرف اللام إذا فلشح يفلشح فلشوحاً، هكذا تعلمنا منذ الصغر عندما حصص اللغة العربية هي المفضلة لنا.
أتخيل الآن شاباً جالساً تحت أحد الكباري، في يده اليمنى سيجارة ملفوفة، و في يده اليسرى ورقة من كتاب اللغة العربية يستعد لكي يلفها لتصبح سيجارة محشية، بعد عدة أنفاس داخلة و خارجة يتفتق عقله الألمعي عن مفردات جديدة يمكن إدخالها على اللغة العربية، لتعويض النقص الواضح في مفاهيم اللغة، كأن الكوفي و سيـبـويه و بديع الزمان و الأزهري و الأصمعي و غيرهم من علماء اللغة لم يستطيعوا إثراء اللغة، و تمكن بجلالته من تحت الكوبري إضافة معاني خلابة، معاني جذابة، مفاني تروح و ماتجيش، معاني ستحير العلماء كثيراً في الوصول إلى إعراب خاص بها تماماً كما إحتار علماء اللغة في إعراب كلمة " زوج ".
الغريب أن كلمات كهذه إنـتـشـرت كإنـتـشار الحمام لحظة إصطياده، إنتشرت في كل إتجاه، و بأقصى سرعة، كأن الممنوع مرغوب، أو كأن هؤلاء الشباب وجدوا أنفسهم في قول الكلمات الغريبة و العجيبة و المريبة و التي تميزهم عن الآخرين من هم أكبر منهم سناً، هو إعلان عن الذات إذاً و عملاً بالمقولة خالف تعرف و إتـشلوح و إجري يا رمان و تعال على حجري يا رمان.


بقلم م / مصطفى الطبجي