الاثنين، 18 أبريل 2011

عدوك إبن كاريرك


مقولة سمعتها في كثير من البرامج التي كانت تستضيف فنان ما في أحد المجالات، "عدوك إبن كاريك"، وإذا كنت حضرتك من أبناء ولاد الذوات و بتتعامل مع الكومبيوتر منذ نعومة أظافرك، وإستطعت منفرداً أن تنشىء حساب فيسبوك لوحدك بدون مساعدة، يبقى أنت أكيد فهمتني.

أما لو حضرتك و جنابك و معاليك كنت من ولاد الناس الغلابة، و إستعنت بصديق أو حتى بسلاح التلميذ لكي تنشىء حساب فيسبوك ذلك أنك تتعامل مع الكومبيوتر تماماً كما تتعامل مع كيلو البسطرمة، و حتى تكمل قراءة ما أكتب يجب أن تعلم أن العبارة السابقة ليست إلا تجديد للمثل القديم... "عدوك إبن كارك".

و يبدو أن كلمة "كار" قد أشتقت من كلمة "كارير"، أو ربما هي تحريف في النطق نتيجة التعليم المجاني في المدارس الحكومية التي كانت تـُدرس بها اللغة الإنجليزية فقط لتكون بديلاً عن تقطيع الفاصوليا أو تقشير البطاطس.

كل ما سبق ليس ذو أهمية بالنسبة لي، و لم أكن أعير هذا المثل أي إهتمام، إلى أن جمعتني الصدفة (اللي هي أفضل من خير ميعاد) ببعض الأصدقاء الجدد، زملاء في الكار، و منافسين مخضرمين، لكنهم كانوا أبعد ما يكونوا عن الأعداء.

يومها تيقنت أن من إبتكر هذا المثل ليس إلا فيلسوف عقله ذو فص أيمن بقوة أربع حصان و الذي لا يتماشى مع فصه الأيسر الذي يعمل بقوة أربعة "شبشب" في الثانية.

هو مثل شعبي ليس له أي معنى، يسبب هالة من الكلام حوله بدون أي سبب، تماماً  كالفرقعة الإعلامية حول موضوع ما تتناوله كل الصحف و البرامج الحوارية لتشغل بال الجميع، و في اليوم التالي "يغور" في طي النسيان.

هو أنا كنت بقول الكلام ده كله ليه؟؟؟ و الله مش فاكر، بس الموضوع ليه علاقة بإحترام الآخر، إحترام الرأي الأخر، بس إيه علاقة إحترام الرأي الآخر بإن عدوك لازم يكون إبن كارك؟؟؟ برضه مش عارف!!!! .... تقريباً الفص الأيمن هنج.


بقلم م / مصطفى الطبجي

السبت، 16 أبريل 2011

و ظللت مبتسماً


نظر لي ذلك الظابط برتبة النقيب بدون أن يتكلم، جالساً هو على كرسيه و من أمامه ذلك المكتب المتوسط الحجم، و أمام ذلك المكتب جلست أنا، تتشكل على وجهه علامات التعجب، أعتقد أنه في قرارة نفسه يظن أني مجنون، أو أن ما حدث معي منذ قرابة الساعة جعل عقلي يعمل بطريقة تختلف عن باقي العقول الحـيـّة.

رن هاتفي المحمول بتلك النغمة التي خصصتها من أجلها، من أجلها هي فقط، طرت فرحاً إليه، تلقفته بين أصابعي بلهفة، وضعته على أذني و إستمعت إلى صوتها الذي وقتها بالنسبة لي يشبه صوت عصافير الجنة، قالت لي "كتابك يا أستاذ مصطفى خلاص إتوزع على المكتبات، و الجميل إن فيه إقبال عليه، واضح إن الدعاية اللي إحنا عملناها كانت ناجحة"، تلك الكلمات المختصرة قالتها لي مسؤولة التوزيع بتلك الدار التي صدر عنها كتابي الأخير "فيش و تشبيه".

بدأت أتصفح المواقع الإلكترونية للجرائد، لا يهم إن كانت جرائد قومية أو معارضة، فالكل بعد الثورة أصبح متشابه، بحثت عن أي موضوع أو مقال يتكلم عن الكتاب، وجدته، ثم وجدت موضوعاً آخر، ثم موضوعاً ثالث، طرت فرحاً، و أنا أرى الكتاب يعجب به النقاد قبل القراء.

حذرني صاحب دار النشر من أن البعض قد يستغل نجاح أحد الكتب و يقوم بسرقته، حتى الكتب الآن تسرق لتغرق الأسواق بعدها بنسخة "فشنك"!!!، كانت الفكرة غريبة علي، فأنا سمعت كثيراً عن حرامي فقير، أو حرامي مضطر، أو حرامي مريض، أو حتى حرامي غني، لكن لم أسمع من قبل عن حرامي مثقف.

إستلمت أخيراً النسخ المجانية الخاصة بس، أعلم على من سأوزعها، أعلم من يستحق أن يكون له إهداء مني، لأني أعلم من هو فعلاً مقرب مني، من هو فعلاً صديقي، و من يدعي ذلك، وضعت النسخ المجانية جميعاً في السيارة و بدأت ألف فرحاً على أصدقائي، كنت أشعر وقتها أن حدود السماء لا تغطي سقف سعادتي.

سألني الظابط عن من أعتقد أنه قد يكون له يد في سرقة سيارتي؟؟، قلت له لا أعلم، أنا ليس لي أعداء، حقيقة لا أعلم، كل ما أعلمه أني عندما نزلت من عند أحد أصدقائي وجدت زجاج السيارة مكسور، و مسروق منها بعض الأشياء، قلت في نفسي الحمد لله أنهم لم يسرقوا السيارة نفسها.

بعد أن طال تعجبه سألني الظابط الموجود بقسم الشرطة و الذي كنت أسجل عنده محضراً بسرقة السيارة "لماذا أراك مبتسماً؟؟ أنا أول شخص يسرق منه شيء و يأتي ليبلغ عنه و هو مبستم"، قلت له ببساطة "أن من سرق النسخ المجانية من السيارة يعرف قيمتها، يعرف قيمتها جيداً، هو لم يلتفت إلى ذلك التسجيل الباهظ الثمن، أو حتى إلى هاتفي المحمول الذي نسيته في السيارة سهواً، فقط إهتم بكتابي، و هذا بالنسبة لي شيء أفخر به، لا أزعل منه"، أنهيت كلامي و ظللت مبتسماً، و ظل هو متعجباً.



بقلم م / مصطفى الطبجي

الثلاثاء، 12 أبريل 2011

رد الجميل


بعد الإنفلات الأمني الذي حدث يوم 28 يناير، وبعد نوبة الخوف الهيستيرية التي انتابت الجميع، و بعد تعدد الإشاعات عن عمليات هجوم وهمية على السكان في المنازل فكرت وقتها في تقليل عدد دخول الغرباء إلى منزلي، وكان أهم هؤلاء الغرباء وأخطرهم في نفس الوقت هم قراء عدادات المياة والكهرباء والغاز، ذلك أنهم يتغيرون بإستمرار ولم نعد نعلم من هو القاريء حقاً ومن هو المدعي بذلك.

المهم أنه ومنذ ذلك اليوم أصبحت أكتب قراءات العدادات المختلفة في ورقة وأعلقها أمام المنزل، بذلك لم يعد للقاريء حجة يدخل بها المنزل، في نفس الوقت وفرت عليه الوقت والمجهود.

في أول الأمر كانت الورقة مكتوبة بخط اليد، أنتزع النظام منها كنتيجة لعدم الإهتمام، فكل ما كنت أريده هو منع الغرباء من الدخول، مرة بعد مرة زاد إهتمامي بتلك القراءات، تغير الهدف من ورائها، تغير شكل الورقة، مـثـَّـل النظام أهم أعمدتها.

في أول الشهر الحالي كنت أعلق القراءات الجديدة، أصبح لدي حماس شديد على فعل ذلك كل أول شهر، أشعر أني بشكل أو بآخر أساعد شخصاً ما لا أعرفه إطلاقاً، قبل أن أنزع الورقة القديمة وجدت كلمة واحدة مكتوبة عليها ولكن مكررة ثلاث مرات، قارئ الكهرباء كتب لي "شكراً"، وقارئ المياة كتب لي "شكراً"، وقارئ الغاز كتب لي "شكراً"، كل أمام قراءته.

أصابتني فرحة عارمة، إحساس كبير بأن هناك تغيرات حدثت بالفعل في التركيبة التصرفاتية للكائن المصري، تغيرات للأفضل، شخص قرر خدمة أشخاص لا يعرفهم، و أشخاص قرروا توجيه شكر لشخص لا يعرفونه، بدون وجود أي مصالح شخصية، ولا طلبات فئوية، ولا قرشين من تحت الطرابيزة.

فكرت كثيراً في كيفية رد الجميل، كيف يكون الرد على نفس المستوى، فكرت كثيراً ولم أصل لنتيجة، توقفت عن التفكير مع إيماني التام بأن الطريقة المثلى ستجد طريقها إليّ وحدها دون أن أبحث عنها.

في طريقي للعمل تعطلت سيارتي، هي عادة أصيلة بها، تتعطل كلما كنت متأخراً، هذه المرة تعطلت في منتصف الطريق، و أبت أن تتحرك من مكانها، في أول الأمر إعتقدت أنها معتصمة في منتصف الطريق إحتجاجاً على أمر ما، أو على قانون المرور الجديد، أو على أني فكرت في تغييرها، لا أعلم، المهم أنها توقفت مسببة الكثير من الفوضى خلفها من سيارات تريد العبور.

لا أدري من أين ظهر، ومتى ظهر، لا أدري هل نزل من السماء أو إنشقت الأرض عنه، كل ما أعلمه أنه كان واقفاً هناك بطوله الفارع وهيئته المهيبة ينظم السيارات يفض ما حدث من فوضى، لم أميز عدد النجوم الموجودة على كتفه، فأنا لست عالماً بالترتيب العسكري، لكنه كان ظابط شرطة، هذا ما أعرفه.

في سرعة و مهارة نظم سير السيارات، إلتفت إلى  وعلى وجهه شبح إبتسامه، بمنتهى البساطة دفع معي السيارة إلى جانب الطريق، ثم تركني وإبتعد، لم ينتظر كلمة شكر، رفعت صوتي عالياً شاكراً له ما صنع، أشار لي بيده وكأنه يخبرني أنه لم يؤدي سوى واجبه، نظرت له وهو يبتعد، نظرت له و أنا أشعر أني رددت الجميل أخيراً.


بقلم م / مصطفى الطبجي

شعب لسة في الضمان


الله يرحمه توفيق الدقن، هو أول من قال "لما تبقى كل الناس هترشح نفسها للرياسة!!! أمال مين اللي هينضرب؟؟؟"، بس نعمل إيـه بقى مـولـد وصاحبه مخلوع في شرم الشيخ على الرغم من تأكيدات البعض أنه لا توجد مدينة بهذا الإسم.

لا يعني هذا أني أحبذ أن يبقى (سي السيد) كما أحب أن أسميه في الرياسة، ليكمل تخريب ما خربه، أو يكمل تهريب ما سرقه، وكتاب الله المجيد أبداً، إلهي أنشك في عينك ياللي تفتكر حاجة زي كده.

لكن بشكل أو بآخر، وبعد أن (خَـلـَع) الشعب الرئيس، وبعد أن أستخدم قانون (الخـُلـع) أخيراً بطريقة صحيحة، أصبح الباب مفتوحاً لكل من تسول له نفسه،  ولكل من ظن أنه يمكن أن يكون رئيساً فقط لأنه يرى لمسافة إتنين متر قـدّام.

على أية حال هذا ليس موضوعنا اليوم، اليوم سنتكلم عن الإستفزاز، على إعتبار أن الإستفزاز مادة خصبة تصلح لزراعة كافة المؤامرات بها، تحتاج فقط لبعض المياة شرط ألا تكون مياة صرف صحي.

كان المفترض أني سأتحدث عن ذلك الإعلان السخيف والذي يعرض يومياً على إحدى القنوات الفضائية، إعلان لشركة تبيع جهاز كومبيوتر بمواصفات خيالية، مواصفات تخص جهاز من سنة 1998، أيضاً السعر خيالي، المستفز في الموضوع أن الجهاز عليه تسعة هدايا، من ضمن هذه الهدايا كيبورد و ماوس!!! أمال كان المفروض إني أشتغل على الجهاز إزاي؟؟؟.... بالنية.

نعم كان هذا ما سأتحدث عنه، لكن حدث ماهو أكثر إستفزازاً، خطاب (سي السيد)، الخطاب الذي زاد من نسبة بيع أدوية الضغط و السكر، وهرع الجميع بعده لأخذ المصل الواقي من الشلل، حتى أن طفلي البالغ من العمر عامين كان عصبياً جداً طوال اليوم بعد أن إستمع صدفة لجزء من الخطاب.

يصر هذا الجدع "اللي مش جدع خالص" على إصابة الشعب بسكتة قلبية أو جلطة مخية أو تربنة عقلية، ربما بهذه الطريقة يستطيع تنفيذ شعاره الخاص "سي السيد يريد تغيير الشعب"، وإستيراد شعب جديد على أبوه، شعب من التوكيل لا بيعمل ثورات ولا بيطلب طلبات، شعب لسة في الضمان.

تحقيق هذا التغيير سيكون سهلاً للغاية، فمعظم أعضاء الفلول المقبوض عليهم أو الهاربين أو المستخبيين هم في الأصل رجال أعمال، تخصصوا في أعمال الإستيراد والتصدير، و إن كانوا قد برعوا في تصدير كل خيرات مصر للخارج فليس من الصعب أن يبرعوا في إستيراد شعب جديد من الخارج، وأهو كله بيزنس.


بقلم م / مصطفى الطبجي

الجمعة، 8 أبريل 2011

الكذب اللي فاق كذب الإبل


الف مبروك يا جماعة الخير، إحنا في شهر إبريل، و لو كنتم حضراتكم من إحدى دول الهلال الخصيب فده معناه إننا في شهر نيسان، و كذبة إبريل لا تختلف كثيراً عن كذبة نيسان إلا في نوع الرئيس.

اليوم إنتشرت إشاعة وفاة الرئيس السابق الله يرحمه و يطول في عمره، هذه كانت كذبة إبريل، كذلك إنتشرت إشاعة إستقالة الرئيس الشاب إبن الرئيس السابق الله يرحمه و يطول في عمر إبنه، هذه كانت كذبة نيسان.

 من كذبة لكذبة يا قلبي لا تحزن، لذلك كنت أتمنى أن يكون ماحدث في استاد القاهرة ليس سوى كذبة كبيرة، أو مشهد من مشاهد الخيال العلمي، إلا أنه و للأسف لم يكن سوى فضيحة كبيرة، أو مشهد من مشاهد الخيانة العظمى.

و قبل ما ترميني في بحورك مش كنت تعلمني الكذب، لأن الكذب هذه الأيام ملوش رجلين، بل له حصانة، و حراسة، و حمام سباحة، و فيلا بدورين بتطل على مـديـنـتـيـن.

كنت أتمنى هذا العام أن يكون الكذب قد إنتهى أو "غار" مع من أو ما "غار" من حياتنا، لكن يبدو أن مرضاً كهذا سيحتاج إلى عملية مجهرية، يقوم بها طبيب بارع، و الطبيب هنا لن يكون سوى ثورة أخلاقية يقوم بها المواطنون يرفعون بها شعار "الشعب يريد تغيير نفسه".

في المرة القادمة أتمنى أن تكون كذبة إبريل أكثر واقعية، بمعنى أن تكون أكثر تصديقاً، فلا معنى من كذبة لا تصدق، ستتحول إلى "فشرة"، و الفشار بيروح النار، أما الكاذب فهو يذهب عادة إلى......... طبعاً كلكم عارفين.



بقلم م / مصطفى الطبجي