الزمان: الساعة الثانية عشر مساء، المكان: أحد الشوارع الرئيسية بجوار قاعة أفراح، وصف تفصيلي للحدث: توجد سيارات واقفة على جانبي الطريق و " محضّنة " على الرصيف كما قال الكتاب لذلك فإن المتبقى من الطريق يكفى " بالعافية " أن تمر سيارتان متقابلتان بجوار بعضهما البعض، سبب المشكلة: في إحدى المناطق الضيقة من الطريق " التي تكفي سيارة و نصف " صمم صاحب سيارة ملاكي على العبور أولا من هذه المنطقة و لكن السيارة القادمة في الإتجاه المقابل و التي كانت ميكروباص شعر سائقها بالإهانة لأن هذا الفسل صاحب الملاكي سيعبر قبله، فقرر أن يعبر هو بالميكروباص بال14 راكب قبل الملاكي، و هنا وقعت الأزمة، فكل منهما رفض أن يتراجع للآخر ليعبر هو أولا .... و كان هذا هو الدرس الأول في الغباوة.
ترتب على " نشوفية الدماغ دي " أن الطريق توقف تماماً، و تكون صف طويل من السيارات المنتظرة في الإتجاهين، ولأننا شعب يتميز بالسلبية فلم يحاول أي شخص أن يفض الإشتباك، كله جلس في سيارته يستمع إلى أبو الليف، أو من كانت معه " موزة " و وجدها فرصة لتبادل الحديث " الحديث فقط "، أو من وجدها فرصة للتحدث في المحمول لأنه شخصية مهمة و وقته من ماس، المهم حاول بعض سائقي الميكروباص حل المشكلة لأنهم أكثر الناس ضرراً من هذه العطلة و نجحوا في هذا و بدأ الطريق يتحرك و بكم ببطء، بعض أصحاب السيارات الملاكي إنتهوا مما كانوا يقومون به في سياراتهم و لم يريدوا الإنتظار أكثر فدخلوا في الإتجاه المقابل آملين أنهم يمكنهم العبور من هذه الموقف في وقت أقصر، لكن دخلوهم في الإتجاه المقابل أدى إلى توقف الطريق مرة أخرى .... و كان هذا هو الدرس الثاني في الغباوة.
تم حل هذه المشكلة أيضاً بعد جهد كبير، و أخيراً مررت من هذا الموقف السخيف و الممل و إعتقدت أني أخيراً سأنطلق بأقصى سرعة لأعود إلى المنزل، لكني فوجئت أن الموقف السابق لم يكن سوى فاتح شهية لما هو قادم، فبعد حوالي 300 متر كانت هناك حادثة غريبة، سيارة تقف على الناحية اليسرى من الطريق صدمتها من الخلف سيارة أخرى الأمر الذي جعل الحارة اليمنى من الطريق فقط التي تسمح بعبور باقي السيارات، و عندما مررت بجوارها سمعت " طراطيش " الحوار الدائر بينهما، فلقد كان يقول أحدهما للآخر " في حد عاقل في الدنيا يقف على الشمال و طافي النور عشان يكلم واحد صاحبه، ما تشغل الانتظار يا اخى "، و كان الآخر يقول " يعني هو في حد بيمشي بالليل من غير ما ينور النور بتاعه، أمال هما عاملين كاشفات للعربية ليه؟ " ..... الإثنان كانا مخطئان من وجهة نظري و في نفس الوقت كل منهما يرى أن الخطأ يقع على الشخص الآخر فقط .... و كان هذا هو الدرس الثالث في الغباوة.
لا أعلم ما هذا اليوم الذي لا يريد أن ينتهي، و ما هذه المنطقة التي لا أستطيع الخروج منها، هل أنا في مثلث بورمودا؟؟؟ لا أعلم، كل ما أعلمه أني أريد أن أصل إلى المنزل لأرتاح و أنام فغداً يوم آخر شاق، نظرت في المرآة نظرة وداع على مكان الحادث و أنا أحمد الله أني لم أكن في مثل هذا الموقف و أدعوه ألا يضعني فيه، و يبدو أني نظرت كثيراً في المرآة و لم ألتفت للطريق جيداً، و هذا خطأ كلفني الكثير، ..... لا أنا لم أصطدم بأحد " داروا نظرات الشماتة داروا "، كل ما في الأمر أنني فوجئت أن الطريق متوقف مرة أخرى و السبب لطيف جداً، فهناك سيارتان تقفان بجوار بعضهما البعض و سائقيها يتحدثان و يمزحان مع بعضهما البعض، و يبدو أنهما أصدقاء من زمن بعيد و شاءت الظروف أن يلتقيا في هذا التوقيت و في هذا المكان و في هذه الظروف، و لأن الإشتياق له أصوله فظلا هذان الظريفان يتحدثان بدون الإهتمام أو الإلتفات إلى الطريق الذي هو متوقف بسببهما .... و كان هذا هو الدرس الرابع في الغباوة.
بدأت الإنطلاق ... من جديد .... و توقفت أيضاً .... من جديد، " أصل " كان في لجنة، أوقفني الظابط المروري و طلب مني الرخص، أوراقي سليمة لذلك لا أخشى سوى من " غلاسة " متعمدة أو " رخامة " مقصودة أو خفة دم مصطنعة، المهم نظر الظابط في الرخص ثم نظر إلىّ ثم إلى الرخص ثم إلىّ ثم أعطاني الرخص و قال لي " إنت رايح فين يا باشمهندس ؟؟ " فقلت له أني ذاهب للمنزل " عاوز أنام " فقال لي و هو يضحك مستظرفاً " طب سوق على مهلك سوق " و أشار لي بالإنطلاق، و أخيراً شعور كبير بالحرية...... و الإرهاق.
بقلم م / مصطفى الطبجي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق