الأحد، 6 نوفمبر 2011

آخر أشكال الفرقة


منذ فترة تصيبني حالة من "الإذبهلال" عندما كنت أشاهد أي مؤتمر إعلامي صحفي رسمي لمن يطلقون على أنفسهم إسم إئتلاف الثورة، أو إئتلاف شباب الثورة، أو أي مصطلح "ملزوق" في ظهره لفظ الثورة، فهم كثيرون، وبعد أن كانوا متحدين خلال 18 يوماً، أخذوا -بعد التنحي- من كل ميدان رجل، فتفرق دم الثورة بين القبائل.

ما أعلمه عن المؤتمرات الصحفية أن من يجلس على المنصة هو الشخص الذي سيتحدث، وغالباً هو من دَعى لعقد مؤتمر صحفي، أو أن يجلس بجواره شخص أو إثنين تكون لهما كلمة ما تخص الموضوع يؤيدان فيها الشخص إياه، أما مؤتمرات الإئتلافات فكان يلفت إنتباهي ذلك العدد الكبير من الشباب الواقف وراء من كانت أمه "دعياله" فأصبح الميكروفون أمامه والكرسي تحته، كان يقرأ ما أتفق عليه، أما من يقفون فكان بعضهم ينظر للورقة، وبعضهم ينظر للحضور، وبعضهم ينظر للساعة لمعرفة متى سيحل الدور عليه ليستولي على الكرسي.

ما فهمته من هذا المشهد الشبيه بمشهد محامي الحق المدني في أول جلسة من جلسات المسرحية هو أن كل شخص من الحضور كان يريد الظهور إعلامياً، ويا سلام لو ربنا كرمه وسمعنا صوته، بلبل مغرد والله، وإذا لم يتم المراد يبقى ربنا يكرم في أي برنامج أو حوار إعلامي آخر، أو حوار صحفي حتى لو في مجلة ميكي، أو عقد مؤتمر آخر يضمن فيه حق الكرسي.

لا يجوز أن نسأل لماذا تضيع الثورة من بين أصابعنا، لا يجوز أن نسأل لماذا لسنا مثل تونس الخضراء وليبيا الحمراء، لا يجوز أن نسأل لماذا لم تحقق الثورة أهدافها، لا يجوز أن نسأل لماذا نُضرب على قفانا كل يوم والتاني، السبب بسيط لكنكم لا ترونه يا سادة، لقد تفرقت صفوفنا بأيدينا عندما بحث كل فرد منا عن ميكروفون خاص به.

آخر أشكال هذه (الفـُرقة) هي الإنتخابات، والتي حولت الإئتلافات إلى (فـِرقة) فنون شعبية، لأنه في الرقص فقط يمكن أن تجد شخصان يثوران ضد النظام، ثم تجدهما "هُـمّا هُـمّا" يتنافسان على أحد مقاعد البرلمان تاركين المجال مفتوحاً لفلول النظام السابق، والسبب أيضاً بسيط يا سادة، فمن المعلوم أن كل عضو مجلس سيكون له كرسي خاص به، ومحدش هيقوله أنا رجلي تعبتني من الواقفة، وطبعاَ سيكون أمامه ميكروفون مستورد آخر حاجة... وغـرّد براحتك بقى.


م / مصطفى الطبجي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق