مازلنا نعيش في دوامة الفلول، و دوامة الفراغ الأمني، و دوامة المرتبات، و دوامة محاكمة النظام السابق، لذلك فإن سيدة هذه المرحلة بلا منازع هي الفنانة صباح (الشحرورة) لأنها أول من قالت "الدوامة و أنا أصلي بحب الدوامة"، يبدو أنها وقتها لم تكن تقصد دوامة البحر أو دوامة الحب... بل دوامة الثورة.
تكلمت عن دوامة الفلول بما فيه الكفاية، وضعت تعريفاً لهم، حددت أصنافهم، علقت على أقوالهم، سخرت من أفكارهم، إستحملت ما صدر منهم، و دوامة المرتبات لن يجدي الحديث عنها لأن العين قصيرة و الإيد بصيرة و يا دوبك اللي جاي على قد اللي رايح و خلي الطابق مستور، أما دوامة سجن طرة، فهي دوامة من أجلك أنت.
لم يتبقى لي سوى دوامة الفراغ الأمني، الكل يعاني منها، كأنها وباء طاعون أو كوليرا أو إنفلونزا طيور اللهم إحفظنا، البلطجي من دول يسمع إن بلطجي زميله في مدينة تانية عمل كذا و كذا و كذا، تلاقي ضميره واكله، و إيده بتاكله، و لامؤاخذة رجله بتاكله و مش قادر يعيش في حاله، على طول يسحب السنجة أو السيف.... قصدي يسحب السلاح الآلي و يطلع على أول واحد يقابله في الشارع و يسرقه، مع إن الواحد ده ممكن يكون أبوه أو أخوه، بس مين يفهم؟؟ صنف الحشيش مغشوش.
من يومين ظهر نوعية جديدة من البلطجية، بلطجية لكن ظرفاء، واعيين فاهمين مذاكرين منظمين قادرين، قرار مفاجئ أصدرته جمعية البلطجية القدامى أنها من هنا و رايح و الغايب يعلم الحاضر ستكون هي المسؤولة عن تأمين جميع كابلات شبكات الإنترنت التي مـدّها أصحاب مقاهي الإنترنت إلى المشتركين في المنازل.
واعيين لأنهم إختاروا مشروعاً لا يمكن لأصحابه إبلاغ الشرطة، هم أنفسهم بمدهم توصيلات للمنازل يعتبروا مخالفين للقانون، فاهمين لأنهم إستفسروا عن عدد المشتركين في كل شبكة و على أساسه يتم تحديد مبلغ الإتاوة، مذاكرين لأنهم جلسوا طوال الليل يحفظون لماذا هم واعيين و فاهمين، منظمين لأنهم لم يذهبوا مباشرة لأصحاب مقاهي الإنترنت ليطلبوا منهم الإتاوة، بل أعطوا لكل شخص فرصة يومان ليفكر ماذا هو فاعل، قادرين لأنهم بعد إنقضاء المهلة إصطحبوا معهم أحد الفنيين العالم ببواطن الأمور ليبلغهم عن الأماكن التي يقطعون منها الكابلات، حتى لا يضروا شخصاً آخر دفع لهم الإتاوة و في نفس الوقت يتأكدوا أن من لم يدفع إنقطعت كابلاته بالكامل.
أهم ما في الأمر هو النظام، و هم كانوا منظمين أكثر من الألمان أنفسهم المشهورين بالدقة و النظام في كل شيء، بالكاد نتحمل المعيشة مع الدوامات المحيطة بنا حتى نفاجأ بدوامة جديدة، و ربنا يمسيك بالخير يا شحرورة.
بقلم م / مصطفى الطبجي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق