آواخر القرن العشرين كنت على أعتاب مرحلة عمرية و عقلية و جسدية جديدة، بمعنى آخر كانت إحدى قدماي في مرحلة المراهقة و الأخرى مازالت في مرحلة الطفولة، لم يكن التفكير قد نضج بما فيه الكفاية حتى أحكم أفعالي و أقوالي بدرجة جيد جيداً مع مرتبة الشرف، كان هناك بعض القصور، كعادة الجميع، و الإنكار مش هينفعك.
سيناريو كان يتكرر كثيراً لازلت أتذكره حتى الآن، يتلخص ببساطة أن أخي الأصغر الذي يغوص وقتها في مرحلة الطفولة كانت تصدر منه بعض التصرفات التي تجعلني أشد في شعر موستاشي (شنبي باللغة الإنجليزية) الذي بالكاد بدأ يظهر و يبان عليه الأمان، كان رد فعلي هو الشكوى للأهل، و كان الطلب الدائم هو أن يعاقب أخي في التو و اللحظة حتى أشفي غليلي و أعيد لموستاشي مكانته.
كان رد فعل الأهل وقتها غريباً جداً، لم أفهمه إلا بعد عدو سنوات، فكلما كنت أشتكي كان أخي لا يعاقب، ثم علمت بعدها أنه كان يعاقب في وقت آخر لا أكون فيه موجود بالمنزل، السبب الأساسي من هذا التصرف الأبوي ألا يجرح كرامة أخي الصغير أمامي، فنكبر و تكبر معنا الكراهية، النتيجة من ذلك التصرف الحكيم ظهرت بعد عدة سنوات عندما كبرنا، فلقد أصبح الحب و الود هو سمة التعامل بيننا.
كان لا بد من هذه المقدمة، و عذراً إن كنت أطلت عليكم، لكن الوضع الحالي يتوجب هذا، فما يحدث هذه الأيام ليس إلا صورة مكبرة لما حدث أسَـريـاً منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، الأخ الأصغر (المسيحيين) تصدر عنه بعض التصرفات جعلت دم الأخ الأكبر (المسلمين) يغلي في العروق.
لا يمكن الإجماع، فليس كل المسيحيين من هذه النوعية الماكرة، و لا كل المسلمين من تلك النوعية الغاضبة، أيضاً ليس كل السلفيين يسيرون على نفس المنهج، هناك إختلاف منهجي كبير فيما بينهم.
كيف و الثورة لم تبرد نارها بعد مازلنا ننساق كما كنا نفعل سابقاً وراء الشائعات، و أي شائعات، يأتي بعد ذلك الدور الحكومي، الذي هو إمتداد للدور الأبوي، فلا يجوز أن يسمح بالتجمهر أمام دور العبادة أي كان سبب التجمهر، و أي كان نوع دور العبادة.
الفتنة أشد من القتل، و الفتنة الطائفية هي القشة التي ستقسم ظهر الثورة، و الغباء في معالجة المشاكل فاق الإثنين خطورة، و التسرع في حل الأمور فاق الثلاثة شراً على البلاد، و التراخي في الوجود الأمني فاق الأربعة تضيعاً للبلاد.
بقلم م / مصطفى الطبجي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق