الاثنين، 4 أكتوبر 2010

مين يدي لمين ؟؟؟

اليوم و أنا جالس أمام جهاز الكومبيوتر الخاص بي أحاول تجاهل آلام ظهري لأبقى تركيزي مستيقظاً لكتابة موضوع جديد يرضي غروري إذ بزوجتي تفاجئني كعادتها بسؤال لا توجد لدي إجابة عليه " تفتكر صاحبتي فلانة إتجوزت مين؟ "، لا أدري سبب سؤالها لمثل هذا السؤال، فأنا بالكاد أعرف صاحبتها هذه أو زميلتها في العمل! فمن أين لي معرفة زوجها و المفترض أنها تزوجته حديثاً؟؟، قلت لها بأسلوب رتيب " إتجوزت مين؟ " فقالت لي " إتجوزت شحات ..... "، هنا تركت الكيـبـورد و الجهاز بأكلمه و إلتـفت لها مذهولاً " أشمشم " عن رائحة مقال جديد.

طلبت منها أن تعد كوباً من الشاي و " ساندويتش " جبنة رومي و تحكي لي الحكاية " من طأطأ لسلام عليكم "، أعدت المطلوب وأعددت أنا ذهني و تركيزي و كل حواسي لسماع الحكاية الأعجوبة، قال لي أن صديقتها كان قد تقدم لها عريس منـذ سنة تقريباً و عندما سألوا عن العريس و أسرته و جدوا أنهم أناس طيبون " في حالهم " و مستواهم المادي ممتاز حيث أن هذا الشاب رغم صغر سنه إلا أنه يمتلك سيارة غالية الثمن كما أن باقي الأسرة يبدو من مظرهم العز ثم العز ثم العز، وافق أهل صديقتها على الفور بهذا العريس " اللقطة " و هذه الأسرة الكريمة و بدأت مرحلة فرض الشروط، عاوزين شبكة ب 15 ألف جنيه، " ماشي "، عاوزين شقة مساحتها حلوة، " موجودة "، عليكم الصالون و السفرة و النوم، " موافقين "، و تمت الزيجة على خير ما يكون، بعد شهرين من الزواج لاحظت الزوجة المخدوعة أن الجميع لا يذهب للعمل بما فيهم زوجها فسألت عن طبيعة عمل زوجها الذي ظل طوال فترة الخطوبة يكرر أنه " أعمال حرة "، قال لها الزوج ببساطة " إحنا بنشتغل شحاتـيـن، العيلة كلها شحاتة، بس شغلنا كل في شهر رمضان و اللي بينطلع بيه بيظبطنا طول السنة مع شوية إكراميات بقى بقيت السنة " ظنت الزوجة أن زوجها يضحك معها لكنه أكمل قائلاً " جهزي نفسك عشان هتنزلي معانا في رمضان الجاي، فاضل عليه أسبوعين كل سنة و إنت طيبة ".

ما سبق كان قصة حقيقية بدون زيادة أو نقصان، و يمكن أن يعرض في فيلم سينمائي ليكتب في الأفيش Based in true story، زوجتي بعد إنـتـهت من حديثها و إنـتـهيـت أن من تناول "ساندويتش " الجبنة الرومي و شرب الشاي وجدتني غير مندهش و كأني متوقع لحقيقة مثل هذه، سبب عدم إندهاشي ليس أني امتلك الحاسة السادسة و أشعر بالأشياء قبل حدوثها أو أني أمتلك الحاسة السابعة و أستطيع قراءة ما يدور بعقل من يكلمني، كل ما في الأمر أن كان لدي سابق تجربة مشابهة لما حدث.

عندما كنت طالباً في الثانوية العامة، و كأي شاب مراهق مازالت تتكون لديه مختلف المشاعر و الأحاسيس السلبية و الإيجابية، كنت أمر دائماً و أنا في طريقي للمنزل على " شحات " يجلس في نفس المكان يومياً، لا يتركه و لا يغيره و كأنه مكتوب بإسمه، كان منظر هذا " الشحات " دئماً أو غالباً ما يؤثر في نفسي مما يجعلني أخرج من جيبي ما تبقى من مصروفي اليومي لأعطيه إياه، إنحفر وجهه في عقلي من كثرة ما مررت عليه،و إعتقدت أنه أصبح يعرفني من كثرة ما أعطيته، حقيقة كنت سعيداً جداً وقتها مع إحساسي أني أساعد شخص لا يقوى على العمل، إلا أن جاء يوم تبدل في الواقع، و إختلطت فيه مشاعر الفرحة بالدهشة بالغضب بالحزن، فلقد قررت في يوم " التزويغ " من أحد الدروس و دخول السينما أنا وشلة أصدقاء الفشل، جلست على الكرسي المحجوز لي لأفاجأ بالشخص الجالس بجواري و هو يسألني إن كان معي ولاعة، أخبرته و أنا ألتفت إليه " لا و الله مش بدخن "، كان هذا الشخص هو نفسه الشحات الذي أعطيه مصروفي، أخذ مصروفي ليتشري ملابس جيدة " أشيك من اللي كنت لابسه " و يدخل السينما " و يروق على نفسه "، خرجت من هذه التجربة و أنا عندي ثقة أن جميع الشحاتين مهما إختلفت أعمارهم أو أحجامهم أو أسباب تسولهم أو نوع العلة التي يشكون منها ليسوا سوى أغنياء ... أغنياء ... أغنياء... بخلاء ... أذكياء.

تذكرت و أنا أكتب هذا المقال الكثير و الكثيرمن حالات النصب تحت إسم التسول و التي سوف أحتاج ليوم كامل لا أتوقف فيه عن الكتابة حتى أستطيع توضيح كل المواقف التي قابلتني أنا شخصياً أو قابلت أحداً من أصدقائي أو أقاربي، و إن كنت أرى أن كل هذه المواقف و الحكايات تعطي نتيجة واحدة، هي أن هؤلاء " الشحاتين " هم في الحقيقة نوع من أنواع " النصابين " الذين يستطيعون إياهم أو إقناع الناس بما هو غير حقيقي، و أنسب طريقة لإخراج زكاة المال هي إعطائها لجمعيات أو مساجد موثوق فيها، و ليس لأشخاصاً ينفقون ضعف ما تعطيهم لشراء زجاجة مياة غازية 3 لتر.

بقلم م / مصطفى الطبـجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق