الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

بابا .. إحذر هذه المنطقة


" سيبيه يمسكها يا فوزية "، " قال إيه ... بيعديني "، " بلاها نادية ... خد سوسو "، " ده جيل إيه المهبب ده "، الجميع يتذكر هذه الجمل المضحكة من مسرحية " سك على بناتك " التي و رغم تكرار عرضها إلا أننا مازلنا نضحك كثيراً عند سماعها، كنا نضحك لأننا نرى أباً يعلم إبنته " المقفلة " كيف يكون تعاملها مع شخص سيصبح زوجها بعد أقل من 24 ساعة، كان يطلب منها مزيداً من التحرر، لكنه مع كل هذا تحرر محسوب مدروس، له حدود و عليه واجبات، لا يمكن لأي شخص أن يتخطاها، و إن تخطاها سيرى الوجه الثاني من هذا الأب الغاضب، الوجه الذي يحمل تلك العصاة الموجعة و التي جعلت نفس هذه الإبنة تصرخ و تقول " بابا .. إحذر هذه المنطقة ".
سؤال دار في ذهني و أنا أشاهد المسرحية بالأمس جالساً مسترخياً على ذلك الأنتريه " اللي دفعت فيه دم قلبي "، ماذا لو كانت فكرة هذه المسرحية قد " شعشعت " في عقلية مؤلفها و هو يعيش بيننا في هذه الأيام؟ أيام القرن الحادي و العشرين و الفايس بوك و رسائل الموبايل و النغمات و نجم الجيل و الهضبة؟ كيف كان الأستاذ فؤاد المهندس سيحاول إقناع إبنته التي لن تكون منغلقة على نفسها كما كانت القديرة سناء يونس، سألت هذا السؤال لنفسي لأني أعلم جيداً أن بنات هذا الجيل لم يعدن منغلقات، حتى لو كان أبوهم هو سي السيد بجلالة قدره، و حتى لا أتهم بالتحيز الأعمى و أجد نفسي محارباً من جماعات حقوق المرأة، يجب أن أؤكد هنا أن سؤالاً آخر جال في ذهني بعد السؤال السابق، هل كان الكوميديان محمد أبو الحسن سيطلب فقط " مسك " يد فوزية أم كان وقتها - كباقي شباب هذه الأيام - سيطلب طلباً آخر.
كعادتي أستثمر أوقات فراغي في البحث عن ما هو جديد، كيس شيبسي، ورك فرخة، فكرة جديدة، حديث شيق، و كان لي ما أردت، تعرقلت في حديث بين مجموعة من الشباب " الروش الحلو الجانتي " على الفايس بوك لا اعرف أي منهم، الحديث كان يدور عن أكبر خطأ إرتكبه أي منهم في حياته، إختلف نوع الخطأ من شخص للآخر فكل بني آدم خطاء، تحول الحديث من نوع الخطأ إلى الأخطاء العاطفية، و كأننا في برنامج صراحة في صراحة، الجميع بدأ يتكلم بصراحة عن تجارب الحب الفاشلة التي مر بها و التي من وجهة نظره هي أكبر الأخطاء، الطريف أني وجدت كثيرون شباباً و فتيات يتحدثون عن علاقات عاطفية كانت من خلال الإنترنت فقط، أحدهم قال أنه أحب فتاة لمدة تسع سنوات " يا قلبه " من خلال برامج " الشات " فقط، هو لم يرها من قبل إلا من خلال الكاميرا، و هي كذلك، هذا الشاب يتكلم عن هذه العلاقة الخيالية بتأثر شديد، أحسست أني أراه أمامي يذرف الدموع و هو يتذكر كيف هجرته تلك الفتاة، ..... حسبي الله و نعم الوكيل.
الجيل لم يعد منغلق بل أصبح " مفتوح على البحري "، فالحكايات أكثر من أن تسرد جميعها في مكان واحد، لكنها جميعاً تصب في إتجاه واحد، العقلية تفتحت عن أمور تخطت مراحل العمر نفسه، و الملابس " تشخلعت " لتكشف أكثر مما تستر، فالشاب تجده مرتدياً قميصاً لا لشئ، فقط ليظهر شعر صدره، ليثبت أن شعر صدره بخير، و البنطلون " ساقط " لا لشئ، فقط ليظهر أن " البوكسر " ماركة عالمية، ليثبت إنه " هاي كلاس "، كذلك الفتيات، تجدها مغطاة الشعر لكنها عارية الأرجل معتقدة بأنها محجبه متبعة تعاليم الدين الإسلامي، تجدها تصلي جميع الفرائض في الجوامع لكنها ترتدي البنطلون الضيق في الصلاة معتقدة أنها " في السليم ".
الآن أشعر بالحيرة الشديدة التي تجتاح عقل مؤلف " سك على بناتك "، فهو لا يدري كيف سيكتب المسرحية في ضوء المتغيرات الجديدة، أولاً سيغير إسم المسرحية إلى " سك على ولادك كلهم "، ثانياً كيف سيقدم مطالب خطيب فوزية التي طلبها ليعبر بها الطريق بأسلوب لا يخدش الحياء العام و الأسرة التي تتفرج " من كبيرها لصغيرها "..... مازال  لا يعلم، و لا أنا أعلم، .... و العلم عند الله.

بقلم م / مصطفى الطبجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق