الاثنين، 1 أغسطس 2011

عندما تأخذ الثورة على قفاها


منذ الصغر وأنا أحلم بإمتلاك طائرة ورقية، دوماً ما كنت أرى تلك الطائرات تهفهف في الهواء، يتسابق أصحابها في التنافس اليومي من الصباح الباكر وحتى قبل الغروب، كلٌ يريد أن يطير طائرته أعلى، وأن يصنعها أكبر، وأن يلونها أفضل، وأن يكون ذيلها دائرياً أكثر، ومع أني أعلم كل شيء عن صناعة الطائرات -الورقية طبعاً- إلا أنني فشلت في صنع واحدة.

حتى عندما إشتريت طائرات ورقية جاهزة، تلك الطائرات التي تباع في المصايف التي دوماً ما كانت تتخذ شكل الخفاش، فشلت فشلاً ذريعاً في أن أجعلها تطير وتهفهف، مع إن الهوا كان يرد الروح إلا أنها ظلت قابعة بجواري على رمال الشاطئ، تضربها أمواج البحر المتلاحقة.

من يومها إنقطعت علاقتي بالطائرات، حتى لا أصاب بعقدة نفسية أرسل بسببها إلى العباسية، والجو هناك هذه الأيام ملبد بالشرطة العسكرية، إلا أنه منذ يومان وجدت طفلين يتجادلان جدالاً كبيراً، كلٌ يؤكد للآخر أن طائرته هي الأفضل، هي الأقوى، هي الأمتن في الهواء، هي الأكثر إستقراراً، مع العلم أنه أثناء الجدال سقطت كلتا الطائرتين منهما على الأرض لتدوسهما الأقدام.

على الفور تذكرت ذلك النقاش في أحد برامج (التوك شو) والذي كان يدور حول من نزل إلى الميدان أولاً ومن وقف صامداً؟؟ كان الضيفان المختلفان في وجهات النظر والمنتميان إلى جبهتان متعارضتان يذكران علامات وأمارات بطريقة صبيانية تؤكد نزولهم بصفة شخصية أو حزبية في الأيام الفارقة من عمر الثورة، هنا علمت أن الثورة لا ترجع إلى الخلف كما يقولون، بل إنها بتاخد على لا مؤاخذة... قفاها.

في الأيام الأولى من العهد الجديد -بعد سقوط الرئيس- كانت كل الأفواه والأبواق تتحدث عن كيفية تحقيق أهداف الثورة، إختلفت الطرق لكن إتحدت الأهداف والأفكار، الآن إختلفت الأهداف وتباعدت الأفكار وإنقسمت الأحزاب وسقطت الثورة من الجميع على الأرض لتدوسها أقدام الفلول.

المليونيات تحولت من ضغط على الحكومة إلى إظهار للعضلات، والميدان تحول من مكان للإعتصام إلى طريق للخصام، وهذا يعني أننا نستطيع أن نجعل من هذه الثورة أعجوبة العالم، ونحن أيضاً من نستطيع أن نجعلها أضحوكة العالم، وطيري يا طيارة طيري يا ورق وخيطان، بدي أرجع ثورة جديدة من أول رمضان، وكل سنة وإنتوا طيبيين.



م / مصطفى الطبجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق