لأننا شعب عنده أصل وفصل، لا يمكننا أبداً أن نتخلى عن عاداتنا اليومية، وكأن هناك "عِـشرة" ربانية بين المواطن المصري وبين عادات إبتكرها هو، تـوّطن شعور كبير بداخل كل منا أن المرء قد يخبطه أتوبيس نهري فاخر إذا لم يمارس ما تعوّد أن يمارسه كل يوم، وأهم الممارسات جميعاً هي الطوابير.
في الصباح طابور الحمام يليه طابور العيش يليه طابور المواصلات يليه طابور المصعد -لو كان شغال أو موجود أساساً- يليه طابور دفتر الحضور والإنصراف، ثم تتعامل أنت شخصياً مع طابور المواطنين الواقفين أمامك، أضف إلى كل هذا طابوراً جديداً ألا وهو طابور أخذ المعونات من الجماعة دول –بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الرحمن الرحيم الشر برة وبعيد- الجماعة الأمريكان، ويا طابور قولي رايح على فيييييين؟؟، يا طابور قولي، يا طابور قولي.
ولأن أخذ المعونة من شخص يضربني على قفايا منذ أكثر 30 عاماُ هو أسمى معاني الغباء الإجتماعي، والجهل السياسي، والتخلف الإقتصادي، كان من الطبيعي أن تنطبق علينا الحكمة المقدسة التي تقول (ضربني وبكى سبقني وإشتكى)، والحكمة هنا لا تنطبق على أخذ المعونات فقط، بل تمتد لتغطي من يفكرون في إجراء حوار ما لإرساء معاني البتنجان بدعوى أنها الديمقراطية المعملية الفذة... إوزنلي نصف كيلو لو سمحت.
الفرق بين الجاسوس والجاموس أن الأول يعلم أنه جاسوس، والثاني لا يعلم أن من يربطه في الساقية لا يكن له أي مشاعر رأفة، والفرق بين العميل والعبيط أن الأول يعلم أنه عميل، والثاني لا يعلم أن من يضربه على قفاه لا يكن له أي مشاعر إحترام، الفرق واضح لمن يريد أن يفكر ويفهم ويحلل ويستنتج، لكن يبدو أن عملية التخوين المتبادلة بين أشخاص "ملطوطين" حولت عقول البعض إلى طبق سلطة من غير ملح.
أسلوب التخوين الذي إرتفعت درجة حدته تماماً كإرتفاع درجات الحرارة هذه الأيام، وكعادة الحكومة في إنكار درجة الحرارة الحقيقية، ينكر الكثيرون التخوين المتبادل بحجة إن اللي على راسه بطحة، لا يعلم هؤلاء المتنافسون على البتنجان أن إستمرار هذا الأسلوب سيطير كل الرؤوس، ولن تعود هناك رأس ليتحسس صاحبها البطحة، لأنهم جميعاً وقعوا في الفخ... نعم... لقد وقعنا في الفخ... فخ إسمه الإنقسام، والإنقسام في جميع الأحوال يختلف عن إختلاف الآراء.
الإنقسام قد يتحول تدريجياً إلى إنتقام، وحتى لا أقع في الفخ أنا أيضاً، لابد ألا أنساق إلى نظرية الإجماع أو الشمولية، عند خلافي مع جهة ما أو حركة ما أو حزب ما لا يجب أن أجمع أن كل من ينتمون إلى ذلك الكيان يتصفون بنفس ذات الصفة... ما تتوصى يا عم في النصف كيلو اللي مش عاوز يخلص ده.
م / مصطفى الطبجي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق