ما هو الروتين ؟؟ هل هو الملل ؟ أم إعادة خطوات العمل بشكل يومي ؟ أم مجموعة من الإجراءات التي يتم عملها بإستمرار ؟ أم إيقاف مصالح المواطنين عن طريق التحجج بأي ورقة غير مفيدة ؟ أم تعقيد الإجراءات بدون ذكر أسباب مقنعة ؟ أم أن الروتين هو كل ما سبق !!! .. أياً كان تعريف الروتين فكنت أتمنى لو كان رجلاً لكي أقتله , لكي أريح الناس من شره و غلاسته , لكي تصبح الحياة بلا تعقيدات تافهة , لكي تنتهي جميع الإجراءات في لحظات قليلة , لكي تنتهي العبارة المشهورة " فوت علينا بكرة " أو العبارة الأكثر شهرة " فاضل حاجة واحدة بس " .
كثير منا له مواقف مع السيد الأستاذ المحترم الملقب بالروتين , كثير منا له حكايات و طرائف و في بعض الأحيان مشاكل و مشاجرات مع السيد الأستاذ المحترم ... الروتين , و هنا أردت أن أذكر موقفين حدثوا معي عندما قررت ان أتعامل مع الروتين , الطريف في الأمر أن الموقفين كانا في نفس المكان " مصلحة الأحوال المدنية " و لنفس السبب " تعديل بيانات الرقم القومي " و كأن السيد روتين مقيم دائم في هذ المصلحة .
الموقف الأول حدث عندما قررت تعديل بعض بيانات الرقم القومي الخاص بي كالوظيفة و الحالة الإجتماعية , فذهبت إلى مصلحة الأحوال المدنية و دخلت من البوابة المعدنية لأفاجأ بيد العسكري الواقف و هي تمسك ذراعي بقوة و يقول لي بشئ من الصرامة " داخل تعمل إيه هنا ؟ " فأشرت له بإستمارة الرقم القومي و التي كنت أمسكها بيدي فترك ذراعي , ذهبت للموظف المختص لكي يراجع بيانات الإستمارة و يتأكد من وضوح الأختام و في أقل من دقيقة أعطاني الإستمارة و طلب مني أن أذهب للتصوير , حقيقة كنت في قمة السعادة و أنا ذاهب للتصوير و ذلك لسببين الأول أن الإجراءات لم تستغرق أكثر من دقيقة إذاً السيد روتين غير موجود , و السبب الثاني أنني أخيراً سأغير الصورة الموجودة في بطاقة الرقم القومي الحالية حيث أنها لا تشبهني إطلاقاً , دخلت إلى غرفة التصوير فقال لي الموظف المسؤول لا بد من توقيع ظابط الأمن على إذن التصوير , سألت نفسي و أنا أشعر أن الأستاذ روتين يقف ورائي مخرجا لسانه لي " ما الفائدة من هذا التوقيع ؟ أليس من الطبيعي أن أي شخص يريد أن يعدل بياناته من حقه أن يغير صورته !! ما فائدة الكاميرا إذا كنا لن نستخدمها؟ " , المهم أني ذهبت إلى ظابط الأمن لكي يوقع على إذن التصوير فقال لي " الكاميرا لا تعمل إذا أردت التصوير إذهب للمركز الرئيسي " , تعجبت كثيراً من كلامه فإذا كانت الكاميرا حقيقة لا تعمل , فلماذا لا تصلحوها , و هل لو ذهبت إلى المركز الرئيسي ستكون الكاميرا سليمة أم أن بها عطل هي الأخرى , لذلك و توفيراً للجهد و الوقت قررت أن ألغي موضوع التصوير و لتبقى الصورة القديمة حتى إشعار آخر.
لم تنتهي القصة عند هذا الحد , لأن صديقي و الذي يعمل أباه بوظيفة مرموقة ذهب هو الآخر لتعديل بيانات بطاقته و لا أدري كيف إستطاع التصوير أكثر من مرة لكي يختار الصورة الملائمة , مع أن الكاميرا مازالت لا تعمل !!!
الموقف الثاني حدث عندما قررت تعديل بعض بيانات الرقم القومي الخاص بزوجتي و في هذا التوقيت كان قد صدر القرار الجديد بتعديل بيانات الرقم القومي كل سبع سنوات و هو القرار الذي أراه سليماً مائة في المائة , المهم أني ذهب أنا و زوجتي و في يدي الإستمارة و على لساني دعاء واحد ألا نتقابل مع السيد روتين , أعطيت الإستمارة لنفس الموظف المختص فنظر بها طويلاً ثم قال لي " لابد من جواب منفصل من مكان العمل يفيد بأنها تعمل مدرسة " فقلت له " الجهة التي تعمل بها موقعة بهذا في الإستمارة كما يوجد الختم عليها واضح مثل الشمس " فقال لي ببساطة " لا .. لابد من جواب منفصل " , بعد عدة محاولات فاشلة لإقناعه أخذت الأوراق و ذهبنا في اليوم التالي إلى المدرسة التي تعمل بها زوجتي لإحضار الجواب المنفصل , و في اليوم التالي رجعنا إلى الموظف بالجواب المنفصل فنظر به طويلاً ثم قال " لا .. الجواب غير مطابق للبيانات الموجودة في الإستمارة , حيث أنه في الإستمارة مكتوب مدرسة تربية فنية أم في الجواب مكتوب مدرسة متعاقدة " , نظرت له و أنا أشعر منجديد ان السيد روتين يقف ورائي و يخرج لي لسانه و قلت له بهدوء مصطنع " حضرتك مش هتفرق المهم إن في جواب يأكد أنها مُدرسة في المدرسة " فقال لي ببرود تلقائي " لا ... لا بد من التطابق " , و بعد عدة محاولات أخرى فاشلة لإقناعه وجدت نفسي أقطع الإستمارة و أشتري واحدة جديدة لكي أملئ بيانتها بطريقة مطابقة للبيانات الموجودة في الجواب المنفصل , و أخيراً بعد تطابق البيانات و إنتهاء التنقلات التي إستمرت أربعة أيام قال لي في هدوء " أين ورقة الضامن ؟ " ولأنها ورقة جديدة سألته لماذا قال لي " لكي يكون هناك ضامن في حالة وجود خطأ في البيانات " , المهم أني أشتريت هذه الورقة و ملأت بيانات بها و رجعت للموظف مرة أخرى فقال لي بهدوء لذيذ " أين تأكيد الإستعلامات للتأكد من هذه البيانات سليمة؟ " ما فائدة ورقة الضامن إذاً!!!! .... و حتى لا أطيل عليكم أصر هذا الموظف على إستكمال جميع الأرواق حتى يستلم الإستمارة و ذهبنا للتصوير و الحمد لله كانت الكاميرا تعمل جيداً و إعتقدت أن الموضوع إنتهى على خير و السيد الروتين لم يشمت في بدرجة كبيرة , و لكن الموضوع لم ينتهي بعد , فعند ذهابي لإستلام البطاقة الجديدة وجدت أن العنوان المكتوب غير صحيح فذهبت إلى ذلك الموظف لأخبره فقال لي بهدوء شدشد " أكيد حضرتك لم ترفق مع الإستمارة صورة لبطاقتك أو لم ترفق ورقة الضامن " , حتى و إن كان هذا صحيح فهذا لا يبرر أن يكون العنوان غير صحيح لأنه مكتوب بالإستمارة و بخط واضح جداً جداً جداً , و هنا أحسست أيضا أن السيد روتين يقف ورائي مخرجاً لي لسانه فإلتفت مسرعاً أود ان أضربه على وجهه حتى أشفي غليلي من هذا التعذيب , و لكن يدي سقطت على وجه مواطن آخر كان يقف ورائي في إنتظار تعقيدات السيد روتين .... و لن أكمل ما حدث .
بقلم م / مصطفى الطـبـجـي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق