دوماً ما تكون الأغاني الوطنية على مستوى الحدث، لذلك عندما أبدع رجب البرنس وقال "هاتلنا ترابيزة ودومينا واللعب على المشاريب" لم يكن يقصد إطلاقاً أن يصدمنا بأغاني سطحية مسفة هابطة، بل كان يلفت النظر إلى أن القهاوي والكافيهات أصبحت أكثر إنتشاراً في الشوارع والحواري من أي مشروع آخر.
وعلى ما يبدو أن ذلك كان أحد توجهات حكومة تظغيط البط السابقة، فمع إرتفاع معدل البطالة، وعدم وجود فرص عمل سوى قيادة التوك توك، أصبحت القهاوي هي الملاذ الآخير لتنفيس الغضب المدفون في الصدور، كل شوية غضب يخرجوا مع نفس من الشيشة، وكل شوية إحباط يتبلعوا مع رشفة ينسون، وكل المشاعر أو الأفكار التي قد تقلق الحكومة سوف تـتـوه بين زهر الطاولة، و ورق الدومينا، ومربعات الشطرنج.
سيـبـنـا بقى من كل ده، مش عاوزين وجع دماغ، وتعالوا نركز مع بعض شوية في الشطرنج، كلنا نعلم الفكرة من هذه الرياضة العقلية حتى إن كنا لا نلعبها، اللعبة تحتاج إلى شخصين لا يمتلكان من متاع الدنيا سوى الوقت، كل طرف يحاول بإستخدام قطع جيشه أن ينتصر على الطرف الآخر، أن يحاصر ملك الخصم ليتحفه بالعبارة النهائية "كش ملك"... يا حلو.
بعد إنتهاء المعركة الحربية الشطرنجية، سيقيم المنتصر الأفراح ممسكاً ملكه ووزيره بعد أن استطاع حمايتهما، وهنا تأتيه التهاني من كل صوب، أما الخاسر فسوف ينكس رأسه محاولاً تجاوز الهزيمة التي طغت على طعم انتصاره السابق، هزيمة ساحقة تمت في ست ساعات رغم أنه كان يستعين بصديق طوال اللعبة، الآن سيحاول الوصول إلى هدنة أو إتفاقية يحمي بها سمعته ويحفظ بها ماء وجهه، بعد أن كان يتباهى سابقاً بقوة جيشه الشطرنجي الذي لا يقهر.
مازلنا نتكلم عن الشطرنج، محدش دماغه تودّيه لبعيد، المهم في الشطرنج أن يكون هناك طرفان متنافسان، فلا يوجد معنى من أن يلاعب شخص ما نفسه، حتى وإن كان هناك منافس يجلس أمامه كخيال المآتة، ينتظر ما يُـملى عليه، حرّك طابية، رجّع وزير، موّت فيل، إسجن عسكري أمن مركزي.
وقتها لن يصبح للإنتصار أي قيمة، فالمنتصر لم يكن هو من يتحكم فعلياً في قواته، حتى إن أراد نشر عساكره لحماية قطعه، فذلك يتطلب موافقة المنافس، المنافس الذي من المفترض أنه خسر، لكن على ما يبدو أنه مازال صاحب الكلمة العليا، على ما يبدو أنه رغم هزيمته فهو من قال في النهاية بصوت عالي..."كش ملك"... يا حلو.
م / مصطفى الطبجي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق