الجمعة، 9 ديسمبر 2011

شريعة الغابة


يحكى أن مَلك الغابة تولى الحُكم بعد المَلك السابق بعد أن ثار عليه طوب الأرض وورق الشجر ورفضه الماء والهواء، ولعنه باقي سكان تلك الغابة القابعة على نصيتين، واحدة بحري وواحدة شرقي والهوا فيها يُـرد الروح.

كعادة الملوك يعتقدون أن طلباتهم أوامر، وأن الرعيـّة خلقوا فقط ليكونوا خدماً أوحشماً وأحياناً... بَجَـماً، إجتمع القرد مع باقي الحيوانات، أخبرهم أنهم في بداية عصر جديد من الحرية والديمقراطية، أخبرهم أن حياتهم القادمة ستصبح كلها مهلبية، أخبرهم أنه ليس بديلاً عن الشرعية، صفق له الجميع.

حتى يغرز قواعد عرشه في الأرض ليصل لعنان السماء لابد وأن يظهر قوته، العين الحمراء هي السبيل الوحيد لإحداث فرقة بين تلك الأسود التي تترقبه من بعيد، أقنع الجميع أنه لن يستمر طويلاً، سيرحل بعد موسم التزواج مباشرة، بدأ في البحث عن الموالين له، والباحثين عن المصلحة الشخصية، أقنعهم بأنه سيسلمهم المُلك من بعده، صدقته الأفيال.

بما أنه مَلك جديد، ظهرت في الأفق فكرة تغيير شريعة الغابة، كثيرون تحمسوا لها، هي السبيل لإزاحة أي مَلك ظالم من فوق شجرة الموز (عرش الغابة)، لم يعلم أحد أن الفكرة أساساً كانت نابعة في الخفاء من القرد، فهي أول خطوة في طريق صناعة الفرقة بين الجميع.

أسد من الأسود جلس مع القرد يخبره بضرورة إلغاء الشريعة تماماً، وصياغة شريعة من أول وجديد، نظر القرد إلى الأسد وصفعه على وجهه، أخبره أنه من الأنسب في هذه المرحلة عمل بعض التعديلات فقط.

نفس الأسد جلس مع القرد مرة أخرى يخبره بضرورة عمل تعديلات في شريعة الغابة وبذلك يمكن إنتخاب مَلك جديدة في أسرع وقت، نظر القرد إلى الأسد وصفعه على وجهه، أخبره أنه الأصح في هذه المرحلة صياغة شريعة جديدة.

إنقسمت حيوانات الغابة على نفسها، وبعد أن كان فكرهم موجه لقضية واحدة، تشتت الأراء والأفكار والإتجاهات وتبادل الإتهامات، ضحك القرد في خبث وقرر عمل إستفتاء، بعد أن إقتنع أن صوت الغالبية سيقول (لا) للتعديلات، وبذلك سيظل في المُلك لأطول فترة ممكنة، وربما إلى الأبد.

ظهرت النتيجة، ويوم الإمتحان يكرم المرء أو يهان، الأغلبية قالوا (نعم) للتعديلات، بحسبة بسيطة المَلك الجديد سيرحل حتى قبل موسم التزواج، ذهب الأسد إلى القرد بنتيجة الإستفتاء، نظر القرد إلى الأسد وصفعه على وجهه، وقال له "إنت مش كاتب النتيجة بخط حلو ليه؟؟؟".


م/ مصطفى الطبجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق