جميل جداً أن تـستـيـقـظ على خبر جـيـد، و الأجمل أن يكون الخبـر صحيـح إبن حلال، و أسوء ما في الوجود أن تـنـتـفض من مكانك على خبر يشبه وجه الذي أخبرك، لذلك كان من السيئ أن أستيقظ صباحاً لأفاجأ عند وقوفي بالبلكونة أن الشبورة أو كما تعلمنا من مدرسة المشاغبـيـن " الشمبـورة " كثـيـفة للغاية، شبورة ستكون السبب الرئيسي لتأخري عن العمل، شبورة أشبه بالضباب لا نهاية له، و عندما أقول أن الشبورة كالضباب فكأني أقول أن الإنسان زي البني آدم بالظبط، لما بـيـتـوفى بـيـموت.
بالإضافة لهذه الشبورة و كعادتي كل صباح كنت أقرأ بعض عناوين الصحف للوقـوف على الجديد، قرأت خبراً أثر في ثم فاجأني، الخبـر كان عن سيدة توفيت في صالة المطار أثناء إنتظارها لطائرتها، أثـر في هذا الخبر لأنه لم يكتشف وفاة هذه السيدة إلا من صراخ طفلتها التي كانت تحتـضنها، كأن هذه الطفلة تـنعي أمها التي بالكاد تعرفت عليها، أما المفاجأة فكانت بعد ذلك بعدة ساعات عندما علمت أن هذه السيدة هي قريبة أحد أصدقائي.
حقيقة هذه الدنيا صغيرة، صغيرة جداً، صغيرة للغاية، رحم الله كل موتانا و موتى المسلمين، و أدخل الفقيدة فسيـح جناته، و بمناسبة العزاء و حالات الوفاة، أحد زمـلائـي في العـمل الذي وهـبـه الله سعـة في البـطـن، و كثـرة في الأكـل، و خـفة في الدم، و فراغ في العقل، و وفرة في المال، و راحة في البال، و صحة في الجسم، هذا الزميل كان كلما إشتد عليه الجوع - و هذا ما يـحـدث كل ربـع سـاعة تقريـباً - يردد عبارة واحدة " العزاء قاصر على تشيـيع الجنازة "، و حتى الآن لا نعلم ما العلاقة بين الجوع و الجنازة، قد تكون محافظة منه على حرف " الجيم " و الذي تبدأ به أسماء بـنـاتـه، حيث أن الكبـيرة إسمها مريم و الصغرى إسمها منة الله.
و كما يـقال في كثـيـر من المناسبات الحزينة، " لا عزاء للسيدات "، لا أدري لماذا تسكت جمعية حقوق المرأة عن هذه العبارة؟ مع أنهم كثيراً ما أتحفونـا بإعتراضات بلورية عن أشياء فرعية في حياة سياسية تملأها الخزعبلات، لكنهم عند هذه العبارة يتصرفون كما لو أنهم مش واخدين بالهـم، و هذا إن دل فإنما يدل على أن مثل هذه الجمعيات الإستهلاكية في مضمونها التعاونية في هدفها ليست إلا مركز شباب الموضة.
بقلم م / مصطفى الطبجي