الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010

لا عـزاء للسيـدات

جميل جداً أن تـستـيـقـظ على خبر جـيـد، و الأجمل أن يكون الخبـر صحيـح إبن حلال، و أسوء ما في الوجود أن تـنـتـفض من مكانك على خبر يشبه وجه الذي أخبرك، لذلك كان من السيئ أن أستيقظ صباحاً لأفاجأ عند وقوفي بالبلكونة أن الشبورة أو كما تعلمنا من مدرسة المشاغبـيـن " الشمبـورة " كثـيـفة للغاية، شبورة ستكون السبب الرئيسي لتأخري عن العمل، شبورة أشبه بالضباب لا نهاية له، و عندما أقول أن الشبورة كالضباب فكأني أقول أن الإنسان زي البني آدم بالظبط، لما بـيـتـوفى بـيـموت.
بالإضافة لهذه الشبورة و كعادتي كل صباح كنت أقرأ بعض عناوين الصحف للوقـوف على الجديد، قرأت خبراً أثر في ثم فاجأني، الخبـر كان عن سيدة توفيت في صالة المطار أثناء إنتظارها لطائرتها، أثـر في هذا الخبر لأنه لم يكتشف وفاة هذه السيدة إلا من صراخ طفلتها التي كانت تحتـضنها، كأن هذه الطفلة تـنعي أمها التي بالكاد تعرفت عليها، أما المفاجأة فكانت بعد ذلك بعدة ساعات عندما علمت أن هذه السيدة هي قريبة أحد أصدقائي.
حقيقة هذه الدنيا صغيرة، صغيرة جداً، صغيرة للغاية، رحم الله كل موتانا و موتى المسلمين، و أدخل الفقيدة فسيـح جناته، و بمناسبة العزاء و حالات الوفاة، أحد زمـلائـي في العـمل الذي وهـبـه الله سعـة في البـطـن، و كثـرة في الأكـل، و خـفة في الدم، و فراغ في العقل، و وفرة في المال، و راحة في البال، و صحة في الجسم، هذا الزميل كان كلما إشتد عليه الجوع - و هذا ما يـحـدث كل ربـع سـاعة تقريـباً - يردد عبارة واحدة " العزاء قاصر على تشيـيع الجنازة "، و حتى الآن لا نعلم ما العلاقة بين الجوع و الجنازة، قد تكون محافظة منه على حرف " الجيم " و الذي تبدأ به أسماء بـنـاتـه، حيث أن الكبـيرة إسمها مريم و الصغرى إسمها منة الله.
و كما يـقال في كثـيـر من المناسبات الحزينة، " لا عزاء للسيدات "، لا أدري لماذا تسكت جمعية حقوق المرأة عن هذه العبارة؟ مع أنهم كثيراً ما أتحفونـا بإعتراضات بلورية عن أشياء فرعية في حياة سياسية تملأها الخزعبلات، لكنهم عند هذه العبارة يتصرفون كما لو أنهم مش واخدين بالهـم، و هذا إن دل فإنما يدل على أن مثل هذه الجمعيات الإستهلاكية في مضمونها التعاونية في هدفها ليست إلا مركز شباب الموضة.



بقلم م / مصطفى الطبجي

الأحد، 28 نوفمبر 2010

زواج غيـر شرعي

دائـماً ما تـحقـق الأفـلام الأمريـكيـة بـإخـتـلاف أنواعها ( رومانسي - أكشن - رعب - خيالي - إثارة ) أعلى الإيرادات في جميع دور العرض المبعثرة هنا و هناك بأنحاء العالم، و لعـل السبـب معـروف فجودة التصوير و روعة الأفكار و قوة الحوار و خبرة الإخراج و تكلفة الإنتاج هي عوامل أساسية لنجاح أي فيلم مهما إختلفت جنـسيـتـه، و الأفلام الأمريكية متمكنة في هذا المجال، خاصة الأفلام الخيالية التي تدور أحداثها في عالم وهمي يعيش أبطاله بطريـقة خيالية، و لكنها مع ذلك كله تظهر في النهاية للمشاهد بصورة يمكن تـقبـلها بل و الإعتقاد أن ما يراه حقيقي.
على النقيـض و في الناحية الأخرى من العالم سنجـد أن الأفـلام الهنـدية خـاصة القديمة منها كانت تمتلئ بالكثيـر و الكثيـر من الإفتكاسات و الإشتغالات التي لا يصدقها عـقـل و لا يـتـقبـلها منطق، كانت لديهم بعض الأفكار المزركشة المنـتـفخـة المجنـونة لكنها كانت تـنـفذ بطريـقة العجيـن الفلاحي، كله على كله، و سيـبها تـخمـر، و كل حاجة هـتبـقى تمام، فحتى الآن لازت أتذكر مشهد ذلك البطل الأسطـوري الذي هـرب من عـربـة التـرحيلات و دمر وحده أكثر من نصف سيارات البلد بل و أنهى هروبه العظيم بأن " زحلق " الحصان من أسفل السيارة النقل.
السؤال هنا ماذا لو قدر لتـلك المدرستان المختـلفتان عقلياً و مادياً و نفسياً و معنوياً أن يـلتـقـيا؟ و لأن النفس عزيزة و الشيطان إبن كلب متـشرد، فـكل منهما رفض أن يذهب للآخـر، لذلك كان الإتـفاق على اللقاء على أرض محايـدة، و الأرض المحايدة هنا لا يجوز أن تكون سويـسـرا لأنه تذكرة الذهاب و العودة غالية الثمن، كانت الأرض المحايدة هي مصر، و من هنا نشأت الأفلام المصرية.
عندما يتزوج ذكر الحمار مع أنثى الحصان فالناتج هو مخلوق تعس إسمه ( البغـل )، سبب تعاسته أنه لن يرى أولاده أبداً، فهو حيوان عـقيـم، و هذا تماماً ماحدث عندما تـزاوجت الأفلام الهندية مع الأمريكية، نتج عن هذا الزواج الغير متكافئ أفلام مصرية غير قادرة على النضوج، غير قادرة على الوصول إلى العالمية و كأننا معزولون تماماً، صحيـح أن بعض الأفلام الحالية قفزت من ( جـزيـرة ) العزلة و تركت بعض البصمات، إلا أن الغالبـيـة العظمى تشبه ( الكتكوت ) المبلول، تموت بمجرد ولادتها.


بقلم م / مصطفى الطبجي

الجمعة، 26 نوفمبر 2010

صفاااا .... إنتباه

قـابـلت صديـقاً قديـماً بالأمـس، تـكلمنا عن الذكريات، تـوقـف هـو عنـد ذكـريات المرحلة الجامعيـة و أجـواء الكـليـة و عدت أنا لماضي أكثر قدماً، بينما كان يحدثني رجعت بظهري أستند على مسند ذلك الكرسي عجـيب الشكل في ذلك المطعم غالي الثمن، و لأن ما يشغل بالي حالياً هو تحسين كتاباتي و تطويـر أسلوبي و تجديد أفكاري فـلقـد توقف بي قطار الذكريات عنـد المرحلة الإعدادية.
تحسن في أسلوب الكتابة كانت نـتـيـجة طبـيـعيـة لبعض المحاولات الفاشلة، تلك المحاولات التي كانت تطوراً مفاجئاً لحب القراءة، ذلك الحب الذي نـشأ عن منافسة طفولية، تـلك المنافسة التي كانت حلاً نـبـيـهاً للهروب من طابور الصباح المدرسي و رغبة مني في عدم الوقوف " صفا " و " إنـتـباه ".
عندما كنت في المرحلة الإعدادية و على الرغم من أني أحياناً كنت لا أحضر طابور الصباح بسبب أني أقدم بعض الفقرات في الإذاعة المدرسية، إلا أني لم دوماً من ضمن فريق الإذاعة الصباحية، و كان هذا يضرني آسفاً إلى الوقوف مع باقي زملاء الفصل للإستمتاع بالكثير و الكثير من الصفا و الإنـتـبـاه التي حتى الآن مازال مدرسون التربية الرياضية يمارسونها مع الطلاب معتقدين أنها بذلك تجلب النشاط الكافي لإستكمال يوم دراسي عنيف آخـر.
كان الحل اللـولبي هو اللجوء إلى المكتبة، وقتها كان السؤول عن المكتبة يريد من بعض الطلبة أن يساعدوه في تصنيف و ترتيب الكتب و تحديـد الكـتب المستعارة و هل تـم إرجـاعهـا من قـبل الطالب المثقف المستعير أم " إنضرب " على الكتاب و ذهب أدراج الرياح، و لأن ثقافة " الكوسة " و " المحسـوبـية " هي صفة متأصلة في الشعب المصري فلقد هداني تـفكيـري النموذجي إلى البحث عن من يكن له دلال عند أميـن المكتبة، و خدمني الحظ عندما علمت بالصدفة أنه أمين المكتبة صديق شخصي لأحد أقاربي المقربـيـن.
كنا على ما أتذكـر سبعة طلبة و طالبات مسؤولون عن المكتبة، ندخل في الصباح من بوابة المدرسة مباشرة إلى المكتـبـة، و نظل بها حتى صعود الطلبة إلى الفصول، في بعض الأحيان كان يمكننا الإستئذان من مدرس الحصة لأننا نـنجز بعض الأعمال في المكتبة، بعض الأعمال المهمة و المفيدة للحياة البشرية، و مع تطور الأمور بدأت تظهر بيننا نحن السبعة منافسة طريفة، من منا أكثر إستعارة للكتب، و لأن أي طالب يستعيـر من المكتبة لابد أن تكون له إستمارة خاصة به عليها إسمه و صورته، فقد كنا نـتسابق من منا سينـتهي من ملأ إستمارته التي كانت تكفي لإستعارة ثلاثون كتاباً.
لاحظ أمين المكتبة هذه الأفعال الطفوليـة، و هذا التـنـافس الغيـر مفيد لأننا لم نكن نقرأ أي من الكتب التي نستعيـرها، فقط كنا نبحث إستكمال أكبر عدد من الإستمارات، و يا عيني اللي كان ياخد يوم أجازة، سيصبح متأخراً عنا بكتاب!!! كان الحـل الغير ظريف وقتها هو أن مع كتاب تـستعيره لابد أن تكتب ملخص موجز عن الكتاب، و كانت هذه الصدمة الكبرى، فسوف نضطر للقراءة.
هنا كانت بداية مشوار طويل قصير جداً، فبعد أن كنا مضطرين للقراءة، تحولت إلى حب القراءة، بدأت أقرأ في جميع المجالات، أصبحت القراءة هوايتي الأولى ..... و الأخيـرة، عشقتـها أكثـر من عـشقي لكـرة القـدم و بسكويت الشمعدان و فيلم الشعلة الهندي الذي كان يعرض كل عيـد، بدأت تـقـليد بعض الكتاب الكبار في كتاباتهم، و فشلت، حتى ظهر أسلوبي الخاص، حاولت كتابة أشعار رائعة، و فلشت، حتى وجدت نفسي أكتب قصائد مرتبة معبرة، وقعت مراراً  و وقـفت على قدمي مرة أخرى، تعلمت أنك لكي تكون صلباً في عالم كهذا يجب أن تكون قد إنكسرت من قـبل، و نهضت من جديد.


بقلم م / مصطفى الطبجي

الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

أقصر الطرق


أقصر الطرق بين نـقطتـيـن هو الخط المستقيم، و أقصر طريق لقلب الرجل معدته، و موضوع القصـر - بكسر القاف - ده تاعب ناس كتير قوي، لأن أقصر طريـق للأمانة هو إتباع تعليمات إدارة الضميـر، لكن الضمير لم يعد موجوداً، إختفى فجأة كما إختـفى الجملين المغربـيـيـن من حديقة الحيوان، مازال الفـاعـل مجهول، و سيـظل مجهـول لأنه أكيد مخاوي.
و ( الأخوة ) هنا مش لازم تكون مع جني أو عفريت إبن عـفـريت، ب 100 جنيه ممكن تخاوي حارس الأمن، و 200 جـنيه ممكن تخاوي العامل المسؤول عن الفـقـيـديـن، و 3000 جنيه ممكن تخاوي المسؤول عن الحديقة كلها، و أخوة للبيع مين يقول هات؟؟ أو توفر كل هذه المبالغ " الطائلة " و تترك الجميع لضمائرهم، ذلك الضمير الذي أصبح صديقاً صدوقاً للسريـرو يا محلى النـوم ساعة العصاري، .... و بـالليـل و الصبـح و طول الوقت.
لأن الكسل أصبح هو سمة الكثيرون في عصر يقولون أنه عصـر السرعة، و كالعادة فلـقـد تأخرنا عن عصـر السرعة الذي أقلع في ميعاده لأنه ليس كقطاراتنا، تأخرنا لأننا لم نستطع الإستيقاظ في الميعاد المحدد، بس مش مشكلة ملحوقة و تـتعوض و كل تأخيرة و فيها خيرة و كل تلك العبارات الهدامة التي تحثـنـا على مزيد و مزيد من الكسـل حتى أننا تـفـوقنا على تلك النكتة التي كانت تلقى على جيراننا.
مرة واحد من جيرانا اللي تحت قابل واحد تاني من جيرانا اللي تحت و وجده مهموماً، فسأل الأول الثاني عن سبب همه، فقال الثاني " أنا إخترعت ماكينة جديدة أول ما تضغط على الزرار ده هي لوحدها تحرث الأرض و تزرع البذور و تروي الأرض و تحصد الزرع و تبيعه "، فرد عليه الأول مبهوراً " طيب دي حاجة حلوة خالص، إيه اللي مزعلك بقى "، فرد الثاني " عاوز بقى أخترع حاجة تضغط على الزرار ده لوحدها ".
المؤسف أننا نشطاء جداً في الذهاب إلى العمل رغم زحمة المواصلات، مهما كانت الظروف يذهب الجميع إلى العمل، و بعد الجلوس على الكراسي و سرب الشاي و الحبس بكام سيجارة، يأتي وقت النوم.


بقلم م / مصطفى الطبجي

الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

خرجت و لم تعد

صحيح .. أيـهما يـسبـق الآخر البيضة أم الفرخة، البعض يقول الفرخة كفاية ( بيض ) لحد كده، و البعض الآخر يقول البـيـض كفاية فراخ ( مسرطنة ) لحد كده، و الشيئ بالشيئ يذكر مادام الجـو العام أصبح يشبه المزارع التي أفـلست نـتـيـجـة إنفلونزا الحـشـيـش فلابد من السؤال عن فريق إسمه ( مزارع ) دينا، لماذا لم يصعد إلى الدوري الممتاز بعد أن هبط إلى دوري المظاليم اللي مش لاقيـيـن ياكلوا، هل إعتراضاً على المباريات التي أصبحت تدار بحكام أجانـب و كـأن الحكام المصريـيـن بـصيـفوا طول السنة في مارينا، أم لأن ( دينا ) خرجت و لم تعد.
و من في مصر خرج و عاد؟؟، القيـم خرجت و لم تعـد، الأصالة خرجت و لم تـعـد، الجدعنة خرجت و لم تعـد و البحث مازال جاري و من يجد أي منهم يتجه لأقرب فـرع لمستـشفى الخـانـكة و عشانا عليك يا رب، بس هنـجـيـب منيـن العشا و العيال عمالة تزيد كل نص سـاعـة عيـل كأنـنـا في سبـاق مـع الزمـن و مع أنـفسنا و إنـشغـل الجميع عن البحث عن لقمة العيش بالتمحيص و التـدقيـق في فتاوي تحديـد النـسل و هل يا ترى حلال أم حلال نص نص؟؟؟
و من حـلال لمـنـال يا قلبي ليه مابتعرفش تنام، بـتـحب و لا المرتبة قطنها باظ و عاوزة تـنـجـيـد، تعـوز مع نفسها بقى، القطن غـالي هذا إن كان موجوداً، لذلك سترتفع أسعار جميع الملابس، حتى الملابس التي لا تحتوي على قطن و خامتها 100% ألياف صناعية، إنها لعبة التحكم بالفـقراء و الضعفاء الغلابة، تماماً عندما إرتفع سعـر بنـزيـن 80 ليصبح 90 قرشاً، كثير من سائقي الميـكروباصات زادوا الأجرة بحجة غلو سعر البنـزيـن، مع أن سياراتهم تسيـر بالجـاز، يعني ناس تاكلها ( بـجـاز ) و ناس تاكلها على ( الجاهـز ).
جاهزين تسمعوا نكتة، أم أن أزمة القمح واكلة دماغكم، حتى الأغاني الشعبـية أصبحت تـأكل الدماغ، و كأن المطربـيـن الشعبـيـيـن تحولوا من الفن إلى أكل دماغ البشـر، هم أحفاد عـمّـو دراكولا إذاً، كل الأغاني الشعبـيـة الآن تـدور حول السيـجارة البـني و البـانـجـو و البـيـرة الستيلا، لا يهم هل شربت واحد بـيـرة مشبرة أم إثنان أم ثلاثة، المهم إنك تـقـوم تـقـف و إنت بتسلمني البضاعة، و بعد الإستلام و التسليم شيل الواد من الأرض.


بقلم م / مصطفى الطبـجي