الاثنين، 28 نوفمبر 2011

ساندوتشات التحرير


منذ فترة ليست بالبعيدة فتح بالمنطقة محل فول وفلافل، شاب من الشباب المكافح أراد أن ينقذ المنطقة من صاحب محل آخر جاثم على صدورنا منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً، رغم أن فوله طعمه لا يطاق، وفلافله رائحتها كالجيفة المتعفنة حديثاً، إلا أنه كان الوحيد في المنطقة، وتعودنا أن نأكل طعامه... الماسخ.

ذلك الشاب قرر مناطحة ذلك المحل المسمى بالفرعون - عائد لضخامة المحل ليس إلا- بمحله الصغير، تيمناً بالثورة المصرية أطلق على المحل "فول وفلافل التحرير"، وإنطلق نحو العالمية... في المنطقة يعني.

في أول الأمر تحاشيناه جميعاً، أحياناً خوفاَ من الفرعون المحلي الصنع وصبيانه، وأحياناً تصديقاً لكلام أشيع عنه أنه يستخدم خضروات فاسدة، رويداً رويداً بدأنا ننضم إلى ساندوتشات "التحرير"، رويداً رويداً أصبح هو الملاذ الآمن لبطوننا، رويداً رويداً إختفى الخوف من الأعين وصدّقت المعدة أن هذا الشاب... ميـّة مـيـّة.

ثـُرنـا وإنتفضنا أخيراً، ُأغلق الفرعون بعد أن خسر أغلب زبائنه أمام منافسه الشاب، من كانوا يجلسون على حِـجـر الفرعون هم فقط من حزنوا و غضبوا لرحيله، كان (يهشتكهم) جيداً، من اليوم سيضطرون إلى دفع ثمن ما يستطيعون أكله، من اليوم أصبح في الإمكان الإطمئنان على ما يأكله أولادنا.

حاول بعض شباب المنطقة تقليد فول وفلافل "التحرير"، حاول البعض منهم إرتداء ملابس الشيف وإجتذاب الزبائن، لكنه وكما يقال دوماً (على الأصل دوّر)، أغلقت كافة المحال بعد وقت قصير وظل "التحرير" نتيجة لجودة طعامه... شامخاً كما هو.

الكل إعتاد الآن على "التحرير"، وحتى وإن بدأت تظهر بعض السلبيات، منذ يومين كان العيش غير صابح إلا أن الشاب كان يؤكد أنه جاي من الفرن طازة، بالأمس البعض رأوه وهو يطحن الخضروات بدون أن يغسلها، اليوم سمعته يرفض دفع الإيجار الشهري المستحق بحجة أنه لا يربح جيداً.

بدأت تظهر بعض الشكاوى نتيجة إهمال الشاب المستمر، شكوى... إثنان... خمسة... أربعة عشر، التذمر أصبح رد الفعل الطبيعي أثناء الشراء، البعض إستغلوا الفرصة وبدأوا يكثرون من الشائعات ليقنعونا أننا أخطأنا عندما وقفنا في وجه فرعون، البعض الآخر إستغلوا الفرصة وإفتتحوا محلات آخر جديدة، محاولات كثيرة للفت إنتباهنا وصرفنا عن التعامل مع "التحرير"، إلا أنه رغم كل سلبياته مازال له ذكرى تـُسـعـد كل من يأكل ساندوتشاته، مازال له ذكرى طيبة في نفوسنا، وسنظل نأكل من فوله وفلافله حتى ينصلح حاله، أو يتحول إلى فرعون آخر.


م/ مصطفى الطبجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق