الاثنين، 6 يونيو 2011

إتنين كيلو ديمقراطية

ذهبت اليوم إلى البقال المجاور، وقفت أمامه متحفزاً، سألته "عاوز إتـنـيـن كيلو ديمقراطية لو سمحت؟؟" قال لي"ماعنديييييش"... بس هو كان عنده جُـوّة، كل البقــّـالين مخـزنـيـن البضاعة عندهم في المحلات، الكل متوقع إن السوق يشـح الفترة الجاية، والطلب عليها يزيد، وهنا تبدأ اللعبة القديمة المتكررة، التلاعب بالأسعار، وأحمر وأقرع يا بطيخ.


من تسرع في الحكم و وصفني بالجنـون سأعلم أنه معارض، ومن وصفني بالتشدد سأعلم أنه ليبرالي، ومن وصفني بأنني لست سليم التفكير متحرر سأعلم أنه إخواني، ومن وصفني بأني من الفلول سأعلم أنه إئتلافي، ومن وصفني بالإلحاد سأعلم أنه سلفي، لكني في الحقيقة لست إلا مصرياً، يريد شراء بعض متطلبات حياته اليومية.


فيما قبل الثورة -إذا كنتم تتذكرون- كنا متفقين على أمر واحد، النظام فاسد، كل من كان له عقل و ضمير حلف يمين طلاق بالتلاتة إن النظام فاسد، منتهي الصلاحية، وريحته طالعة فايحة، البعض حاول مواجهة هذا الفساد، البعض فضل تجنب هذا الفساد، البعض قرر الهروب من هذا الفساد.... هذا يعني أننا كنا متفقين.


عندما قامت الثورة -إذا كنتم تتذكرون- كل اللي كانوا بيحلفوا إتفقوا على إنهاء ذلك العصر الأسود من قرن الخروب، المعظم توجه إلى الميدان، الكل إتفق على مطلب الرحيل، الكل إتفق على أن إرحل معناها إمشي، لماذا كل هذا؟؟ ليس لأن عصر مبروك أبو الولدين حسونة كان أكثر عصور مصر ديكتاتورية، هناك من كان أكثر ديكتاتورية منه، لكن لأنه عصر هذا الرجل كان يتميز بالديكتاتورية الغبية المتعجرفة، تركيبة عجيبة اجتمعت في زمن واحد لتنتج سرطاناً متعدد المواهب يعرف بإسم الفساد.... هنا أيضاً كنا متفقين.


الآن وبعد الإطاحة بالحكومة، وفي محاولة لإصلاح البلاد بعد أن نخرتها السوسة، وإنقاذ الجنية بعد أن أكلته البرومة، والنهوض بالشعب بعد أن أطاحت به أمراض الشيخوخة، حدث إتفاق بين جميع القوى الشعبية، إتفاق قديم نوعاً ما، لكنه جديد شكلاً ما، إتفاق على الإختلاف فيما بيننا، إتفاق على تبادل الإتهامات، إتفاق الإستحواذ على دور البطولة، إتفاق على الإنفراد بإتخاذ القرار، إتفاق على ترك الأسس و الإمساك بالفروع.... هنا أيضاً كنا أكثر من مجرد متفقين.


تركت محل البقالة ذاهباً إلى محل آخر، لكن كل المحلات التي مررت عليها كان أصحابها يؤكدون إن مفيش عندهم ديمقراطية، "والله شاحـّة يا بيه ومش موجودة خالص، ولو لقيتها هتلاقيها متخزنة بقالها مدة، يعني مش هتعجبك و هترميها على طول"!!!.


م / مصطفى الطبجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق