السبت، 11 يونيو 2011

بلد رشّـة دواخل

المصائب لا تأتي فراداً، بل تأتي دوماً في كوكتيل ظريف  يشبه لدرجة كبيرة كوكتيل فرغلي، لذلك عندما أصبت بالتهاب في الأعصاب، و زيادة في نسبة الأملاح، و إرتفاع في إنزيمات الكبد، و تسوس في أحد الضروس في أسبوع واحد، لم أغضب، و لم أعتكف منتظراً روشته الطبيب التي بالتأكيد ستكلفني ما كنت "أنـتـوي" أن أشتري به بنطلون جـينز تـُركي... بني اللون.

 أيضاً سيارتي العزيزة الظريفة أم دم خفيف، التي لا تتعطل إلا يوم الخميس مساءً أو الجمعة صباحاً، لا لشيء، فقط لتنكد عليّ من باب الإستهبال أو إثبات من هو المتحكم منـّا في الآخر، هى الأخرى أعطالها لا تأتي فراداً، ففي لحظة واحدة وجدت البطارية و الدينمو و الشكمان و العجلة الخلفية قد أعلنوا عن أنفسهم، ليكلفوني ما كنت "أنـتـوي" أن أشتري به سماعات ياباني... سمراء اللون.

كعادة كل الأمور المُـرتـّـبة في هذا البلد المتباعد الأصوات المترامي الأفكار، ذهب أخي بالسيارة إلى الطبيب و منها إلى مركز الأشعة لعمل فحوصات لها، و ذهبت أنا إلى الميكانيكي ومنه إلى الكهربائي لعمل تظبيطات لي!!!

هناك علمت أني لم أكن الوحيد، طلعت فـرّة و طايحة في البلد، ربنا المنـجّي و المعين، البلد بأكملها تحتاج إلى تظبيط، وتربيط، و لا مانع من تغيير بعض قطع الغيار التالفة، كطريقة التفكير والتكفير، والتعبير عن الإختلاف و الإئتلاف، والإعتراض على الغير، وأسلوب الحوار، وطريقة فرض الرأي ورفض القانون، و إنتقاء الألفاظ، بمعنى آخر، البلد تحتاج إلى (عَــمرة) جسيمة غالية الثمن، وأهلها يحتاجون إلى (عُــمرة) مباركة رخيصة الثمن.

أكثر ما أراحني بعد هذا الأسبوع الغير ديمقراطي، أن البلد طلعت "مش رشّـة دواخل"، ولأن كثيراً منكم لن يفهم هذا المصطلح الذي يستخدمه سمكرية السيارات دوماً و أبداً، فسوف أواتيكم بالترجمة الفورية حالاً، عندما يؤكد السمكري أبو وش سِـمح أن هذه السيارة "رشة دواخل" فهذا معناه أن هذه السيارة قد تعرضت لحادث عنيف، يصعب معه إرجاعها إلى حالتها الأولى، أما إذا كانت "مش رشّـة دواخل" كحال البلد، فإن كل شيء مهما كان عظيماً يسهل إصلاحه، فقد نحتاج إلى صبر ووقت وعزيمة.... وقطع غيار أصلية.



م / مصطفى الطبجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق