الثلاثاء، 9 نوفمبر 2010

شريف و سارة ... أو سارة و شريف



سارة : بص في عنيا
بتحبني
شريف : بموت فيك
سارة : هاسألك سؤال و ترد بصراحة
شريف : ( في سره ) ربنا يستر و يجيب العواقب سليمة
إسألي يا حياتي
سارة : إنت كان ليك علاقات قبل الخطوبة
شريف : ( ينظر إلى عينها بكل حنان الدنيا ) حبيبتي إزاي تقولي كده ؟؟؟
ما إنت عارفة أنا كنت خاربها
سارة : ( على وجهها علامات الدهشة ) إيه بتقول إيه ؟؟
شريف : يعني أنا كنت مقطع السمكة و ديلها و مصمص الشوك و واكل الجلد و محلي بالراس
بس كل ده يا حبيبتي قبل ما أعرفك، لكن من النهاردة أوعدك مفيش غيرك في حياتي
سارة : وعــد
شريف : ( غامزاً بعينه ) وعــد
كانت هذه هي إحدى الجلسات الودية القليلة بين شريف و سارة ، أما باقي الجلسات فكانت غالاً ما تحمل في جنباتها الكثير من المعارك، و القليل من التفاهم، ليس عيباً في علاقتهما، لكنه الطبع الحاد لسارة و الماضي الأسود لشريف.
حتى نعرف الحكاية من أولها دعوني أخبركم عن شريف لأنه كان زميلاً لي أثناء الدراسة الجامعية، شاب وسيم له صوت رائع، ليس بالطويل أو القصير، ليس بالنحيف أو السمين، بمعنى أبسط كان شاباً مثالي المعالم، لذلك كان قبلة لكل الفتيات اللاتي تبحثن عن شاب يكون صديقاً لهن، شريف كان مغرماً بمثل هذه العلاقات، فكنت دائمأً ما آراه سائراً ما إحدى الفتيات، ثم يتركها ليتحدث إلى الأخرى، ثم يتركها لأنه ذاهب في مشوار مع أخرى، ثم يتركها لأنه لديه موعد مع أخرى، ... و دائماً ما كانت الأخريات كثيرات .... جداً، كأنهن مادة لا تنضب أبدأ.
فجأة و بدون مقدمات قرر هذا الشاب المتعدد المواهب أن يعتزل هذه الحياة المليئة بالأخريات، السبب أنه وجد أخيراً من تعوضه عن كل ما سبق، و كأنه كان ينغمس في علاقات وهمية فقط ليبحث عنها، و أخيراً وجدها، إنها سارة، تلك الفتاة التي إنتقلت إلى الكلية حديثاً محولة من كلية أخرى، و لأنه إنسان محظوظ فإن إسمها كان سارة، بمعنى أن إسمها كان قبله في الكشوفات الرسمية، بذلك أصبحا متلازمين في توقيت جميع المحاضرات و السكاشن، محظوظ محظوظ محظوظ  يا ولدي.
بسرعة البرق نشأت بينهم علاقة زمالة و تحولت إلى صداقة و تطورت إلى ما بعد الصداقة بقليل، هو لن يفرط فيها أبدأ، هذا ما قاله لي بعد شهر واحد من إنتقال سارة إلى الكلية، و لأني كنت صديقه الصدوق منذ المرحلة الإعدادية فكانت كل أسراره و فضائحه عندي، كل أفكاره و أحساسيه على علم بها، أخبرته أن هذه الفتاة ليست كالأخريات، قال لي أعلم، هي بالنسبة له أيضاً ليست كالأخريات، هي كل الأخريات، هي كل الحياة، هي كل الكلام الرائع اللانهاية له، هي كل ما كان يحلم أن يكون متوافراً في فتاة أحلامه، هي زوجته المستقبلية.
علمت أن شريف صادقاً في مشاعره تجاه هذه الفتاة، بدون أن يطلب منه أحد بدأ بالتغير، بدون مقدمات أو ترتيب أو تهاون، أنهى كل ما كان غريباً في حياته، كل ما كان خطأً، كل ما كان شاذاً، كل ما يمكن أن يسبب صدمة لسارة، صارحها بحبه و بادلته الصراحة، هي تشعر به لكنها خائفة، فسمعته تسبقه، و زميلاتها لن تفوتهن فرصة التحدث عن شاب بأنه كذا و كذا و كذا و يا دايهة دوقي، أخبرها أن كل ما قيل كان صحيحاً، لن ينكر لأنه لن يبني سعادتها على كذب، لكنه كان قد تغير بالفعل، أخبرها بذلك، وصدقته.
في يوم رأيته قادماً نحوي و على وجهه علامات حزن الدنيا كلها، علمت للوهلة الأولى أنه في خلاف كبير مع سارة، فكلاهما كذلك عند حدوث خلاف ما يأتيان إلى لأصلح بينهما، يأتيان كل على حدة و على وجه كل منهما حزن يفوق ضخامة الفيل الإفريقي، سألته عن سبب الخلاف هذه المرة، أقسم لي أنه لا ذنب له فيما حدث، إنما هي توابع الماضي، طلبت منه أن يهدأ لأعلم تفاصيل الموضوع، أخبرني أن سارة ذهبت مع بنت خالتها وصال الطالبة في كلية التجارة و هناك تعرفت على بسمة صديقة وصال و زميلتها في الكلية.
وصال : بسمة .. إزيك
بسمة : ( بعد تبادل القبلات ) إنت فيتك يا بنتي؟ بقالك يومين مش باينة!
وصال : أصلي كنت مع بنت خالتي في كليتها
آه نسيت أعرفك دي سارة بنت خالتي في كلية هندسة
سارة دي بسمة صاحبتي الآنتيم
سارة و بسمة : أهلاً و سهلاً
بسمة : ( بعد أن لاحظت الدبلة في يد سارة )
إنت في سنة كام بقى ؟؟
سارة : في سنة تالتة
و إنت في سنة رابعة مع وصال برضه
بسمة : ( ضاحكة ) لأ أنا مقضياها أنا لسة في تانية
( و هي تنظر إلى الدبلة ) إنت مخطوبة ؟؟
سارة : ( بفخر ) آه مخطوبة لواحد زميلي في الكلية
بسمة : بجـد ... إسمه إيه؟؟
وصال : إسمه شريف
سارة : ( تبحث في حقيـبتها )
 إستني أوريك صورة الخطوبة أنا معايا كارت من الصور
بسمة : (  تنظر للصورة بدهشة و فرحة مصطنعة )
إيه ده هو إنت مخطوبة لبيشووو ؟؟؟
هو العفريت ده خطب!! و الله برافو عليه
إبقي باركي له بقى ... و لا أقولك هابقى أتصل أنا بيه و أبارك له
إنصرفت بسمة بعد ذلك الحوار الذي إنتصرت فيه على غريمتها الجديدة، إنصرفت و هي تاركة سارة تغلي دماءها كأنها قد وضعت في " حلة " كبيرة من " حلل " آكلي لحوم البشر و مقاد تحتها نار كبيرة إستعداداً لطهيها و أكلها، هنا يجب التنويه و التوضيح أن المقربين جداً جداً من شريف يطلقون عليه لقب " بيشووو "، لذلك عندما لفظت بسمة هذا اللقب علمت كل من سارة و وصال أن هذه الفتاة تعرف شريف فعلاً، تعرفه جيداً، تعرفه عن قرب، لا تتدعي و لا تمثل و لا تكذب ... إنها فقط تتجمل.
ضحكت كثيراً عندما حكى لي هذا الموقف، من أعمالكم سلط عليكم، ضحكت كثيراً كما ضحكت الآن و أنا أنقلها لكم، لا أدري لماذا كتبتها، و لماذا أحكيها، ما الفائدة لا أدري، ما الهدف لا أعلم، ما النتيجة لا توجد لدي أي فكرة، فقط أحببت أن أرويها، قد هذه الحكاية تكون تحذيراً لكل من يتلاعب بعواطف نبيلة أنه سيكون ضحية لهذا التلاعب في يوم من الأيام، قد يكون توبيخاً له، قد يكون تأكيداً أن الكذب لا توجد له أرجل، حتى و إن طال عمر الكذبة.


بقلم م / مصطفى الطبجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق