الأربعاء، 2 فبراير 2011

المـرة دي أنا نـزلت

يـوم الثـلاثـاء المـوافق 25/1/2011
إنـدلعـت الثـورة و المظاهرات التي كان مقـرراً لها أن تـنـدلع
إنـدلعـت رغم الإستهانـة بـفكرتـها، و الإستهانـة بـتـنـظيـمها المسبـق، و الإستهانـة بأن شبـابـاً لا يعلم عن وطنـه الكثـيـر فكر في تـنـظيـم مظاهـرة للرد على تـجـاوزات النـظام.
شباب الفايس بـووك الذي لا يـعلم عن وطنـه الكثـيـر ... هكذا كانـوا يـعتـقـدون.
لم أخـرج في هذا اليـوم، ظللت في بـيـتي أتـابـع بـحـماس ما يـحـدث، أشفق على المصابـيـن، و أشجـع المتـظاهـريـن ... بـقلبـي و قصائـدي.

يـوم الأربـعاء المـوافق 26/1/2011
إستـمرار للمظاهـرات في عـدة مـدن، شبـاب، رجـال، أطفال، نـساء، طلبـة، عمال، موظفيـن، فلاحـيـن، كبار السن، أغنـيـاء، فقراء، كل فئـات الشعـب إجـتـمعت أخـيـرأ على مطـلب واحـد، تـغيـيـر النـظام، تـعـديـل الأوضاع المقلوبـة، محـاكمة المسؤوليـن.
لم أخـرج أيضاً في هـذا اليـوم، قـلقـاً على مستـقبـل وطـن أتـنـمي إليـه، و خـوفاً على شعب أتـشـرف بـه.

يـوم الجـمعة المـوافق 28/1/2011
يـوم الغضب كما تم تـسميـتـه، و كان بالفعل إسـمـاً على مـسـمى، الكل خـرج يـهتـف، رغـم تـعـطيـل المـواقع الإليـكتـرونـيـة، رغـم التـشويـش على شبـكات المحـمول، رغـم قـطع خـدمـة الإنـتـرنـت عن كافة المستـخـدميـن، رغـم كل شيئ .... تـقابـلت أفكار الجـميـع.
من المشاهـد الرائعة التي فـاجـئـتـني هو مشهـد النـاس يـصـلـون في الشـوارع، هي ليـست إنـتـفاضة حـراميـة، هي ليـست شـرذمة من الخـارجـيـن عن القـانـون، هي ليـست قـلة منـدسـة.
من المشاهـد الأخـرى الرائـعة مشهد بعض الشباب الجـسـور الذي بـدأ يـحـمي الممتـلكات العـامـة و البـنـوك، دروع بـشـريـة نـادت بالتـغيـيـر و في نـفـس الوقـت المحـافـظة على البلد.
إنـسحـاب غـريـب لأفراد الشرطة ثم إخـتـفائـهم، إنـسحـاب ذكرني فـوراً بإنـسحـاب نـكسة 67، إنـسحـبـوا .... هكذا كانـت التـعليـمات .... و هكذا كانـت النـتـائـج.

يـوم السبـت المـوافق 29/1/2011
الجـيـش بـدأ يـحـكم سيـطرتـه على المراكـز الحـيـويـة الخـدميـة في البـلاد، بـنـاء على مساعدة الشرفاء مـن أبـنـاء هذا الوطن العـظيـم.
مع إستـمرار إخـتـفاء ظبـاط و عـساكر الشـرطـة مـن أقـسـام الشـرطة و الشـوارع و الميـاديـن و مديـريـات الأمن بـدأ الشبـاب في تـنـظيـم حـركة السيـر، و بـدأوا في تـأميـن الممتـلكات الشخـصيـة ذلك أن أعمال النهب و السلب قـد بـدأت، و أن الخـارجـيـن عن القانـون الذيـن تـم إخـراجـهم مـن الحـبس بـقـدرة قـادر أو بـفـعـل فـاعـل بـدأوا يـعبـثـون في الأرض فساداً.
هنـا نـزلت إلى الشارع، بعد أن نـاشـد أئـمة المساجـد شبـاب المنـطقة بالنـزول إلى الشوارع للحـفاظ على المنازل و المحال التـجـارية و السيـارات.
في هـذه اللحـظة نـزلـت، أنا و جـاري و فـلان و عـلان و هـذا و ذاك و لم نبالي.
 نـزلنـا إلى ساحـة المعركة كما أحـب البعض أن يطلق عليـها، نـزلنـا من الساعة السابـعة مساء و حتى الصبـاح البـاكر نرتجف من شدة البرودة لكننا لم نبالي.
نـدافع عـن شارع نـنـتـمي إليـه، شارع هو جـزء لا يـتـجـزأ من مديـنـتـنـا، مديـنـة الصمـود و الإنـفجـار، المحـلة الكبرى التي هي جـزء مـن دولتـنـا.
وقـفـنـا، متـحـفـزيـن متـأهبـيـن، ما نـسمعه عن أن تـلك العصابـات تـمتـلك مسدسات و بـنـادق آليـة و أنـهم قـتـلوا بالفعل ما يـزيـد عن 15 شخـصاً حـاولوا الوقـوف في وجـهـهـم، كل منـا تـسلـح بما وجـده أمامه و لم نبالي.
وقفنـا شبـابـاً و شيـوخـاً، شيـوخـاً أخـبـرونـا بـعـظـم الشهادة في سبـيـل الدفـاع عن أرض هي لك و عـرض هو منـك.
طاقة غريـبـة سـرت في بـدن كل منـا ... طاقة نـتـجـت عـن حـب و عـشـق و إنـتـماء لتـراب هذه البـلد.

صبـاح يـوم الأحـد المـوافق 30/1/2011
ذهبـت إلى عملي في الصبـاح البـاكر كبـاقي الأيـام السابـقة، فـطبـيـعة عملي الحـيـوية تـمنـعـني من عـدم الذهاب.
لم أقابـل عسكري أو ظابـط مرور أو شـرطة، لم ألمـح نـسـراً أو دبـورة، حتى أن السيارات التي كان أصحابها يـتـبـاهـون بـها بـوضع علامة النـسـر أو الشرطة على الزجـاج و اللوحـات المعدنـيـة لم تـعـد موجـودة، إنـسحـبـت هي الأخـرى.
لم أقابـل سوى الحـملات الشعبـيـة التي كنـت أنا جـزء منـها، كمائـن عديـدة مكونـة مـن الأهالي يـفـتـشون كل سيـارة، طلب مني الوقـوف بكل إحـتـرام، فـتـشوا سيـارتي بكل إحـتـرام، تـأكدوا من أنـها ملكي بكل إحـتـرام، إعتـذروا عن كل الإحـتـرام الذي ظهـر منهـم .... بكل إحـتـرام، إحتـرام إفتـقدنـاه في مـواقـف مشابـهة في السابـق.
عنـدما إقتـربـت من مكان عملي تأكدت أني لن أقابـل سوى أفراد الحـملات الشعبـيـة و الدبابات التي رأيـتـها لأول مـرة، و هنا جـاء بخـاطري أن أكتب قصيدة أعبـر بها عن ما أشعر به ... قصيدة بدأتها و لم أستطع أن أنهيها ... كان مطلعها

إنسحبوااااا ..... كلاكيت مرة تانية
إنسحبواااااا .....
الأولى كانت للجيش و للشرطة في التانية

لم أكمل القصيـدة و لن أكملها لأن الدمـوع إنـهمـرت من عيـنـي و أجـهـشت في البـكاء.


بقلم م / مصطفى الطبجي

هناك تعليق واحد:

  1. انت أحد من انتظرت كلامهم عن هذه الفتره ولو أنك التزمت الصمت خالص فى الفتره دى كنت هاجى على نفسى وابطل اقراأ لك .. تحياتى

    ردحذف