الثلاثاء، 11 يناير 2011

نصيحة سرية

عنـدما كنـت جـالساً عنـد الحلاق أو كما أصبـح يطلق عليه الكوافيـر الرجالي في إنـتـظـار دوري في الحلاقة و الذي أصبح يحتاج إلى واسطة هو الآخر لتخطي كل هذا الطابور الطويل من المنتظرين و كأننا في ليلة العيد، أقبل علينا ذلك الشاب البشوش و على وجهه إبتسامة عريضة.

بعد تبادل السلام و التحية مع بعض الموجودين بكلام غير مفهوم سمعياً و لا بصرياً قال بصوت عالي " أنا عندي بكرة إمتحان "، ثم سكت قليلاً و خرج ليكمل سيجارته خارج المحل ... أقصد خارج صالون الحلاقة.

عاد مرة أخرى بعد الإنتهاء من تلك السيجارة التي كان قد أخرجها من مكان خفي في بنطاله دلالة على شربه لها من وراء اللي بـيـشبـشبـله.

قال مرة أخرى بصوت عالي و لا أعلم ما الفكرة " مش عارف أعمل إيه، كان عندي 12 يوم أقطع فيهم المادة بس ماعملتش حاجة، أعمل إيه أنا أبيض يا ورد "، الآن علمت أن ذلك الفتى لديه إمتحان عند الجزار اللي على أول الشارع، مادام الموضوع فيه تـقطيـع!!!

نظرت له طويلاً و هو يكرر الجمل السابقة بصوت عالي، في سري قلت له " طب ما تروح تذاكر ... ده أكيد حل كويس "، ظلت هذه النصيحة في سري، فشخص مثل هذا كان لديه إثناعشر يوماً و لم يستغلهم بالتأكيد لن يستغل نصيحة جوهرية من شاب بسيط مثلي، هو في الأغلب يبحث عن من يذهب للإمتحان بدلاً عنه، و أهو كله بثوابه.

لذلك تحولت النصيحة من جوهرية إلى سرية، تماماُ كشبكات التجسس السرية التي يعلن عن إكتشافها كل فترة، و التي أصبحت منتشرة في المنطقة أكثر من إنتشار شبك الصيد، الإختلاف أن الأولى تصطاد (أسرار) و الثانية تصطاد (أسماك).



بقلم م / مصطفى الطبـجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق